تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{تَٱللَّهِ لَقَدۡ أَرۡسَلۡنَآ إِلَىٰٓ أُمَمٖ مِّن قَبۡلِكَ فَزَيَّنَ لَهُمُ ٱلشَّيۡطَٰنُ أَعۡمَٰلَهُمۡ فَهُوَ وَلِيُّهُمُ ٱلۡيَوۡمَ وَلَهُمۡ عَذَابٌ أَلِيمٞ} (63)

الآية 63 : وقوله تعالى : { تالله لقد أرسلنا إلى أمم من قبلك } ، لا يحتمل أن يكون هذا القسم منه ابتداء . لكن كأنه عن إنكار كان منهم للرسالة ، فعند ذلك أقسم بقوله : { تالله لقد أرسلنا إلى أمم من قبلك } ، وأكد بما أنكروا الرسالة بالقسم الذي ذكر ، فقال : { تالله لقد أرسلنا إلى أمم من قبلك } . يا محمد . وقوله{[10243]} : { تالله لقد أرسلنا إلى أمم من قبلك } ، كما أرسلناك إلى ( أمتك ){[10244]} . { فزين لهم الشيطان أعمالهم } ، كما زين لأمتك . { فهو } كان { وليهم } يومئذ ، كما هو ولي لأمتك اليوم . يصبره .

وقوله تعالى : { فزين لهم الشيطان أعمالهم } ، يقول : ليس هؤلاء بأول من زين لهم الشيطان أعمالهم ، ولكن كان في الأمم الماضية من زين لهم الشيطان أعمالهم ، فيكذبون رسلهم . فلست أنت بأول مكذب ، بل كان لك شركاء في التكذيب . { فهو وليهم اليوم } في الدنيا ؛ لأن الدنيا هي دار الولاية بينهم ، كقوله : { بعضهم أولياء بعض } ( المائدة : 51 و . . . . . . . . . ) ، وقوله : { أولياؤهم الطاغوت } ( البقرة : 257 ) .

وأما في الآخرة فيصيرون أعداء كقوله : { الأخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين } ( الزخرف : 67 ) . وقوله : { ثم يوم القيامة يكفر بعضهم ببعض } الآية ( العنكبوت : 25 ) ، وقوله : { قال قرينه ربنا ما أطغيته } الآية ( ق : 27 ) ، ونحوه .

ولا يحتمل أن يكونوا أولياء في الآخرة ؛ ثم يلعن بعضهم بعضا ، ويتبرأ بعضهم من بعض ؛ فذلك علامة العداوة . وقال بعضهم : قوله : { فهو وليهم اليوم } في الآخرة ، أي أولى بهم ، فيقرن {[10245]} بهم كقوله : { ومن يعش عن ذكر الرحمن نقيض له شيطانا فهو له قرين } ( الزخرف : 36 ) . { فهو وليهم } ، أي : صاحبهم ، كقوله : { احشروا الذين ظلموا وأزواجهم وما كانوا يعبدون } ( الصافات : 22 ) ، وكقوله : { قال قرينه ربنا ما أطغيته } ( الزخرف : 67 ) .


[10243]:الواو ساقطة من الأصل وم.
[10244]:ساقطة من الأصل وم.
[10245]:في الأصل وم: فيقرون.