نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي  
{تَٱللَّهِ لَقَدۡ أَرۡسَلۡنَآ إِلَىٰٓ أُمَمٖ مِّن قَبۡلِكَ فَزَيَّنَ لَهُمُ ٱلشَّيۡطَٰنُ أَعۡمَٰلَهُمۡ فَهُوَ وَلِيُّهُمُ ٱلۡيَوۡمَ وَلَهُمۡ عَذَابٌ أَلِيمٞ} (63)

ولما بين مآلهم ، وكانوا يقولون : إن لهم من يشفع فيهم ، بين لهم ما يكون من حالهم ، بالقياس على أشكالهم تهديداً ، وتسلية للنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ، فقال تعالى : { تالله } ، أي : الملك الأعلى . { لقد أرسلنا } ، أي : بما لنا من العظمة ، رسلاً من الماضين ، { إلى أمم } ، ولما كان الإرسال بالفعل ، لم يستغرق زمان القبل ، قال : { من قبلك } ، كما أرسلناك إلى هؤلاء . { فزين لهم الشيطان } ، أي : المحترق بالغضب . المطرود باللعنة ، { أعمالهم } ، كما زين لهؤلاء ، فضلوا كما ضلوا فأهلكناهم ، { فهو } لا غيره ، { وليهم اليوم } ، بعد إهلاكهم ، حال كونهم في النار ولا قدرة له على نصرهم ، { ولهم عذاب أليم * } ، فلا ولي لهم ؛ لأنه لو قدر على نصرهم لما أسلمهم للهلاك وقد أطاعوه ، بل لو عدموا ولايته كان ذلك أولى لهم ، فهو نفي ؛ لأن يكون لهم ولي على أبلغ الوجوه .