غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{تَٱللَّهِ لَقَدۡ أَرۡسَلۡنَآ إِلَىٰٓ أُمَمٖ مِّن قَبۡلِكَ فَزَيَّنَ لَهُمُ ٱلشَّيۡطَٰنُ أَعۡمَٰلَهُمۡ فَهُوَ وَلِيُّهُمُ ٱلۡيَوۡمَ وَلَهُمۡ عَذَابٌ أَلِيمٞ} (63)

61

ثم بين سبحانه أن مثل صنيع قريش قد صدر عن سائر الأمم فقال : { تالله لقد أرسلنا إلى أمم من قبلك } ، أي : رسلاً ، { فزين لهم الشيطان أعمالهم } ، قالت المعتزلة : لو كان خالق الأعمال هو الله تعالى ، فما معنى تزيين الشيطان ، ومن أي وجه توجه عليه الذم ، وأن خالق ذلك العمل أجدر بأن يكون ولياً لهم من الداعي إليه ؟ وأجيب بأن الوسائط معتبرة ، وانتهاء الكل إليه ضروري . قال جار الله : { فهو وليهم اليوم } ، حكاية الحال الماضية التي كان يزين لهم الشيطان أعمالهم فيها ، والمراد فهو وليهم ، أي : قرينهم في الدنيا ، فجعل اليوم عبارة عن زمان الدنيا ، أو اليوم عبارة عن يوم الآخرة الذي يعذبون فيه في النار ، فهو حكاية للحال الآتية ، والولي الناصر ، أي : هو ناصرهم يوم القيامة فقط ، والمراد نفي الناصر عنهم على أبلغ الوجوه ، لأن الشيطان لا يتصوّر منه النصرة أصلاً ، وإذا كان الناصر منحصراً فيه ، لزم أن لا نصرة بالضرورة . قال : ويجوز أن يرجع الضمير في : { وليهم } ، إلى مشركي قريش ، وأنه زين للكفار قبلهم أعمالهم ، فهو ولي هؤلاء لأنهم منهم ، ويجوز أن يكون على حذف المضاف ، أي : فهو ولي أمثالهم اليوم .

/خ70