تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته  
{أَيَوَدُّ أَحَدُكُمۡ أَن تَكُونَ لَهُۥ جَنَّةٞ مِّن نَّخِيلٖ وَأَعۡنَابٖ تَجۡرِي مِن تَحۡتِهَا ٱلۡأَنۡهَٰرُ لَهُۥ فِيهَا مِن كُلِّ ٱلثَّمَرَٰتِ وَأَصَابَهُ ٱلۡكِبَرُ وَلَهُۥ ذُرِّيَّةٞ ضُعَفَآءُ فَأَصَابَهَآ إِعۡصَارٞ فِيهِ نَارٞ فَٱحۡتَرَقَتۡۗ كَذَٰلِكَ يُبَيِّنُ ٱللَّهُ لَكُمُ ٱلۡأٓيَٰتِ لَعَلَّكُمۡ تَتَفَكَّرُونَ} (266)

165

المفردات :

إعصار : الإعصار الريح التي تهب بشدة فتجتاح ما أمامها .

266- { أيود أحدكم أن تكون له جنة من نخيل وأعناب تجري من تحتها الأنهار له فيها من كل الثمرات وأصابه الكبر وله ذرية ضعفاء فأصابها إعصار فيه نار فاحترقت . . . }

الاستفهام في الآية للنفي والمعنى لا يحب أحد أن يحدث له ما أوردته الآية الكريمة وهو أن يكون له بستان فيه نخيل وأعناب وهما من أنفس أشجار الفواكه وأكثرها نفعا والأنهار تتخلل هذه الأشجار ويملك في هذا البستان إلى جانب النوعين السابقين جميع أنواع الأشجار المثمرة .

و الحال أنه قد أصابه الكبر الذي أقعده عن الكسب من غير تلك الحديقة اليانعة وله فضلا عن شيخوخته وعجزه ذرية ضعفاء لا يقدرون على العمل وبينما هو على هذه الحالة إذا بالجنة ينزل عليها إعصار فيه نار فيحرقها ويدمرها فيفقدها صاحبها وهو أحوج ما يكون إليها ويبقى هو وأولاده في حالة شديدة من البؤس والحيرة والغم والحسرة لحرمانه من تلك الحديقة التي كانت محط آماله .

و قد وصف الله الجنة هنا بثلاث صفات :

1- ففيها نخل وأعناب .

2- وتجري من تحتها الأنهار .

3- وهي زاخرة بأنواع الثمار .

اما صاحبها فقد أصابه الكبر ، وله ذرية ضعفاء ثم هو يرى جنته ومحل آماله قد احترقت وهو في اشد الحاجة على ظلها وثمارها ومنافعها .

و لكأن الله يقول للناس بعد هذا التصوير البديع المؤثر احذروا أن تبطلوا أعمالكم الصالحة بارتكابهم لما نهى الله عنه فلا تجدون لها نفعا يوم القيامة وأنتم في أشد الحاجة إليها في هذا اليوم العصيب فيكون مثلكم في الحزن والحسرة كمثل هذا الشيخ الكبير الذي احترقت جنته وهو في أشد الحاجة إليها .

و روى ابن أبي مليكة ان عمر تلا هذه الآية وقال : هذا مثل ضربه الله للإنسان يعمل صالحا حتى إذا كان عنده آخر عمره أحوج ما يكون إليه عمل العمل بالسئ . ( 42 ) .