جامع البيان في تفسير القرآن للإيجي - الإيجي محيي الدين  
{أَيَوَدُّ أَحَدُكُمۡ أَن تَكُونَ لَهُۥ جَنَّةٞ مِّن نَّخِيلٖ وَأَعۡنَابٖ تَجۡرِي مِن تَحۡتِهَا ٱلۡأَنۡهَٰرُ لَهُۥ فِيهَا مِن كُلِّ ٱلثَّمَرَٰتِ وَأَصَابَهُ ٱلۡكِبَرُ وَلَهُۥ ذُرِّيَّةٞ ضُعَفَآءُ فَأَصَابَهَآ إِعۡصَارٞ فِيهِ نَارٞ فَٱحۡتَرَقَتۡۗ كَذَٰلِكَ يُبَيِّنُ ٱللَّهُ لَكُمُ ٱلۡأٓيَٰتِ لَعَلَّكُمۡ تَتَفَكَّرُونَ} (266)

{ أَيَوَدُّ } ، الهمزة للإنكار { أَحَدُكُمْ أَن تَكُونَ لَهُ جَنَّةٌ مِّن نَّخِيلٍ وَأَعْنَابٍ {[527]} تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ لَهُ فِيهَا مِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ } ، هما لما كان أشرف وأنفع الأشجار جعل الجنة منهما تغليبا لهما ، ثم ذكر سائر الأشجار ليدل على التغليب { وَأَصَابَهُ الْكِبَرُ } : كبر السن ، فإن الفقر فيه أصعب ، والواو للحال {[528]} بتقدير : قد { وَلَهُ ذُرِّيَّةٌ ضُعَفَاء } : صغار ونسوان { فَأَصَابَهَا إِعْصَارٌ } : ريح عاصف { فِيهِ نَارٌ فَاحْتَرَقَتْ } ، فصار أحوج ما كان إليها عند الشيخوخة وكثرة ضعاف الأولاد ، والمثل لرجل {[529]} غني يعمل بطاعة الله ، ثم نكص على عقبيه فعمل آخر عمره بالمعاصي ، حتى أغرق أعماله ، أو للمنافق {[530]} والمرائي فإنهم إذا ماتوا واحتاجوا غاية الاحتياج إلى أعمالهم ، فقدوها بمرة ، { كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللّهُ لَكُمُ الآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ } ، لكي تتفكروا فتعتبروا .


[527]:كأنه ليس في البستان إلا هذان النوعان من الأشجار، وهما الأصل والباقي كالفرع فافهم/12 منه
[528]:لا يجوز أن يكون عطفا على "تكون له جنة"، لأن أن المصدرية دخلت عليه، فصارت للاستقبال، فلا يجوز عطف الماضي عليه، فلهذا قلنا: الواو للحال/12 منه
[529]:هكذا رواه البخاري عن عمر وابن عباس رضي الله عنهم/12. [صحيح البخاري كتاب التفسير (4538)]
[530]:وهذا منقول عن الحسن، ومروي عن ابن عباس أيضا/12 منه