تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته  
{وَمَثَلُ ٱلَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمۡوَٰلَهُمُ ٱبۡتِغَآءَ مَرۡضَاتِ ٱللَّهِ وَتَثۡبِيتٗا مِّنۡ أَنفُسِهِمۡ كَمَثَلِ جَنَّةِۭ بِرَبۡوَةٍ أَصَابَهَا وَابِلٞ فَـَٔاتَتۡ أُكُلَهَا ضِعۡفَيۡنِ فَإِن لَّمۡ يُصِبۡهَا وَابِلٞ فَطَلّٞۗ وَٱللَّهُ بِمَا تَعۡمَلُونَ بَصِيرٌ} (265)

{ ومثل الذين ينفقون أموالهم ابتغاء مرضات الله و تثبيتا من أنفسهم كمثل جنة بربوة أصابها وابل فأتت أكلها ضعفين فإن لم يصبها وابل فطل والله بما تعملون بصير أيود أحدكم ان تكون له جنة من نخيل وأعناب تجري من تحتها الأنهار له فيها من كل الثمرات وأصابه الكبر وله ذرية ضعفاء فأصابها إعصار فيه نار فاحترقت كذلك يبين الله لكم الآيات لعلكم تتفكرون }

265

المفردات :

ابتغاء مرضاة الله : طلبا لرضوانه .

و تثبيتا من أنفسهم : أي لتمكين أنفسهم في مراتب الإحسان باطمئنانها عند بذلها بحيث لا ينازعها فيه زلزال البخل ولا اضطراب الحرص .

الجنة : البستان وأصل الجن ستر الشيء عن الحاسة يقال جنة الليل وأجنه أي ستره وسميت الجنة بذلك لأنها تظل ما تحتها وتستره .

الربوة : المكان المرتفع من الأرض وأشجار الربي أحسن منظرا وازكى ثمرا للطافة الهواء وفعل الشمس فيها .

آتت أكلها ضعفين : أخرجت ثمرها ضعفا فتكون التثنية للتكثير أو فآتت ثمرها ضعفين بالنسبة إلى غيرها من الجنان .

الطل : المطر الخفيف وجمعه طلال وهو مبتدأ محذوف الخبر أي فطل قليل يصيبها فيكفيها .

265- { ومثل الذين ينفقون أموالهم ابتغاء مرضاة الله وتثبيتا من أنفسهم كمثل جنة بربوة أصابها وابل فآت أكلها ضعفين فإن لم يصبها وابل فطل . . . }

أي مثل المنفقين أموالهم ابتغاء رضوان الله وتمكينا لأنفسهم في مراتب الإيمان والإحسان باطمئنان حين البذل حتى يكون ذلك سجية لها كمثل جنة جيدة التربة ملتفتة الشجر عظيمة الخصب تنبت كثيرا من الغلات نزل عليها مطر كثير فكان ثمرها مثلي ما كانت تغل ، وإن لم يصبها الوابل فطل ومطر خفيف يكفيها لجودة تربتها وكرم منبتها وحسن موقعها وهكذا كثير البر كثير الجود إن أصابه خير كثير أغدق ووسع في الإنفاق وإن أصابه خير قليل بقدره فخير دائم وبره لا ينقطع .

و إنما قال من أنفسهم أي بعض أنفسهم ، جاء في تفسير الكشاف ( فإن قلت فما معنى التبعيض ؟ قلت معناه ان من بذل ماله لوجه الله فقد ثبت بعض نفسه ومن بذل ماله وروحه معا فهو الذي ثبتها كلها كما في قوله تعالى : { وتجاهدون في سبيل الله بأموالكم وأنفسكم } ( 41 ) . ( الصف : 11 ) .

فينبغي ان نقصد بأعمالنا رضا الله وتزكية نفوسنا وتطهيرها من الشوائب التي تعوقها عن الكمال كالبخل والمبالغة في حب المال .

{ و الله بما تعملون بصير } أي أنه عليم بأحوال عباده فهو يجازي المخلصين بما يرضيهم كما سيجازي المنافقين والمرائين يستحقون .