وقوله تعالى : { أَيَوَدُّ أَحَدُكُمْ أَن تَكُونَ لَهُ جَنَّةٌ مِّن نَّخِيلٍ وَأَعْنَابٍ . . . } [ البقرة :266 ] .
حكى الطبريُّ عن ابْن زَيْد ، أنَّه قرأ قوله تعالى : { يا أيها الذين ءامَنُواْ لاَ تُبْطِلُواْ صدقاتكم بالمن . . . } [ البقرة : 264 ] الآية : ثم قال : ضرَبَ اللَّه في ذلك مثلاً ، فقال : { أَيَوَدُّ أَحَدُكُمْ . . . } [ البقرة :266 ] الآية ، وهذا بيِّن ، وهو مقتضى سياقِ الكلامِ ، وقال ابنُ عَبَّاس : هذا مثَلٌ ضربه اللَّه ، كأنه قال : أيودُّ أحدُكُم أنْ يعمل عمره بعَمَلِ أهْل الخير ، فإذا فَنِيَ عمره ، واقترب أجله ، خَتَم ذلك بعَمَلٍ مِنْ عمل أهْل الشقاء ، فَرَضِيَ ذلك عُمَرُ منه ، رضي اللَّه عنه ، وروى ابْنُ أبِي مُلَيْكَةَ عن عُمَر نحوه .
( ع ) فهذا نظرٌ يحمل الآية على كلِّ ما يدخل تحْتَ ألفاظها ، وقال بنَحْو هذا مجاهدٌ ، وغيره ، ونقل الثَّعْلَبِيُّ عن الحَسَن ، قال : قَلَّ واللَّهِ ، من يعقلُ هذا المَثَلَ ؟ شيْخٌ كبر سنه ، وضَعُف جسمه ، وَكَثُرَ عياله ، أَفْقَرُ ما كان إِلى جنته ، وأحدُكُم أفْقَرُ ما يكُونُ إلى عمله ، إِذا انقطعت الدنْيَا عنه . انتهى . وهو حَسَنٌ جدًّا .
وقال أبو عبد اللَّه اللَّخْمِيُّ في «مختصره » لتفسير الطبريِّ : وعن قتادة : هذا مثلٌ ، فأعقلوا عن اللَّه أمثالَهُ ، هذا رجلٌ كَبرت سنُّه ، ورَقَّ عظمه ، وكَثُر عياله ، ثم احترقت جنَّته ، أحْوجَ ما يَكُون إِليها ، يقول : أيحبُّ أحدكم أنْ يضلَّ عنه عمله يَوْمَ القيامةِ ، أحْوَجَ ما يكُونُ إِلَيْه ، وعن الحَسَنِ نحوه ، انتهى .
وخصَّ الأعناب والنَّخيل بالذكْر ، لشرفهما ، وفَضْلهما على سائر الشَّجَر ، والواو في قوله : { وَأَصَابَهُ } واو الحالِ ، وكذلك في قوله : { وَلَهُ } ، و{ ضعفاءُ } جمعُ ضعيفٍ ، والإعصار : الريحُ الشديدةُ العاصفةُ التي فيها إِحراق لكلِّ ما مرَّت عليه ، يكونُ ذلك في شدَّة الحرِّ ، ويكون في شدَّة البَرْد ، وكلُّ ذلك من فيح جهنَّم .
و{ لَعَلَّكُمْ } : تَرَجٍّ في حقِّ البَشَر ، أي : إِذا تأمَّل من بُيِّنَ له هذا البيان رُجِيَ له التفكُّر ، وكان أهْلاً له ، وقال ابنُ عَبَّاس : ( تتفكَّرونَ ) في زوالِ الدنْيَا وفنَائِها ، وإِقبال الآخرةِ وبقائها .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.