أَيَوَدُّ أَحَدُكُمْ أَن تَكُونَ لَهُ جَنَّةٌ مِّن نَّخِيلٍ وَأَعْنَابٍ } هذه الآية متصلة بقوله تعالى : { يأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تُبْطِلُواْ صَدَقَاتِكُم بِالْمَنِّ وَالأَذَى } . الآية { أَيَوَدُّ أَحَدُكُمْ أَن تَكُونَ لَهُ جَنَّةٌ مِّن نَّخِيلٍ وَأَعْنَابٍ } . { تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ لَهُ فِيهَا مِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ وَأَصَابَهُ الْكِبَرُ } وإنّما قال : { وَأَصَابَهُ } فردّ الماضي على المستقبل ؛ لأن العرب تلفظ توددت مرّة مع ( لو ) وهي الماضي فتقول : وددت لو ذهبتَ عنّا ، ومرّة مع ( أن ) وهي للمستقبل فتقول : وددت أن تذهب عنّا ، و( لو ) و( أن ) مضارعان في معنى الجزاء ، ألا ترى أنّ العرب فيما جمعت بين ( لو ) و( أن ) قال الله تعالى : { وَمَا عَمِلَتْ مِن سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ } [ آل عمران : 30 ] . الآية كما تجمع بين ( ما ) و( أن ) وهما جحد .
ما أنْ رأيت ولا سمعت بمثله *** كاليوم طالي أينق جرب
فلما جاز ذلك صلح أن يقال : فعل بتاويل يفعل ويفعل بتأويل فعل ، وان ينطق ب ( لو ) عنها ما كان ( أن ) وب ( أن ) مكان ( لو ) .
فمعنى الآية : { أَيَوَدُّ أَحَدُكُمْ } لو كان له جنّة من نخيل وأعناب تجري من تحتها الأنهار له فيها من كلّ الثمرات { وَأَصَابَهُ الْكِبَرُ وَلَهُ ذُرِّيَّةٌ } أولاد صغار { ضُعَفَآءُ } عجزة { فَأَصَابَهَآ إِعْصَارٌ } وهي الريح العاصف التي تهب من الأرض إلى السماء كأنّها عمود .
[ تسدي الرياح بها ذيلا وتلحمهُ *** ذا معتو من دقيق الترب موّار
في منخل جاء من هيف يمانيه *** بالسافيات وفي غربال إعصار ]
أناس أجارونا وكان جوارهم *** أعاصير من فسو العراق المبذر
وهذا مثل ضربه الله تعالى لنفقة المنافق المرائي ، يقول : عمل هذا المرائي لي حسنة لحين الجنّة فينتفع بها كما ينتفع صاحب الجنّة بها وإذا كبر وضعف وصار له أولاد صغار أصاب جنته إعصار { فِيهِ نَارٌ فَاحْتَرَقَتْ } أخرج ما كان إليها وضعف عن إصلاحها لِكِبَره وضعف أولاده عن إصلاحها لصغرهم ولم يجد هو ما يعود على أولاده به ، ولا أولاده ما يعودون به على أبيهم فينتفي هو وأولاده فقراً عجزه متحيّرين لا يقدرون على حيلة ، فكذلك يبطل الله على هذا المنافق والمرائي حين لا مستعتب له ولا توبة ولا إقالة من عبرتهما وديونهما .
قال عبيد بن عمير : [ ضربت مثلاً للعمل يبدأ فيعمل عملاً صالحاً فيكون مثلاً للجنة التي من نخيل وأعناب تجري من تحتها الأنهار له فيها من كل الثمرات ، ثم يسىء في آخر عمره ] ، فيتمادى في الإساءة حتّى يموت على ذلك ، فيكون الأعصار الذي فيه نار التي أحرقت الجنة مثلاً لإساءته التي مات ( وهو ) عليها . { كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ * }
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.