تفسير مقاتل بن سليمان - مقاتل  
{أَيَوَدُّ أَحَدُكُمۡ أَن تَكُونَ لَهُۥ جَنَّةٞ مِّن نَّخِيلٖ وَأَعۡنَابٖ تَجۡرِي مِن تَحۡتِهَا ٱلۡأَنۡهَٰرُ لَهُۥ فِيهَا مِن كُلِّ ٱلثَّمَرَٰتِ وَأَصَابَهُ ٱلۡكِبَرُ وَلَهُۥ ذُرِّيَّةٞ ضُعَفَآءُ فَأَصَابَهَآ إِعۡصَارٞ فِيهِ نَارٞ فَٱحۡتَرَقَتۡۗ كَذَٰلِكَ يُبَيِّنُ ٱللَّهُ لَكُمُ ٱلۡأٓيَٰتِ لَعَلَّكُمۡ تَتَفَكَّرُونَ} (266)

{ أيود أحدكم أن تكون له جنة } ، هذا مثل ضربه عز وجل لعمل الكافر ، جنة { من نخيل وأعناب تجري من تحتها الأنهار له فيها من كل الثمرات وأصابه الكبر وله ذرية ضعفاء } ، يعني عجزة لا حيلة لهم ، { فأصابها إعصار فيه نار } ، يعني ريح فيها نار ، يعني فيها سَمومٌ حارة ، { فاحترقت } ، يقول : مثل الكافر كمثل شيخ كبير له بستان فيه من كل الثمرات ، وله ذرية أولاد صغار ، يعني عجزة لا حيلة لهم ، فمعيشته ومعيشة ذريته من بستانه ، فأرسل الله عز وجل على بستانه السَّمومَ الحارةَ ، فأحرقت بستانه ، فلم يكن له قوة من كبره أن يدفع عن جنته ، ولم تستطع ذريته الصغار أن يدفعوا عن جنتهم التي كانت معيشتهم منها حين احترقت ، ولم يكن للشيخ قوة أن يغرس مثل جنته ، ولم يكن عند ذريته خير ، فيعودون به على أبيهم عندما كان أحوج إلى خير يصيبه ، ولا يجد خيرا ، ولا يدفع عن نفسه عذابا ، كما لم يدفع الشيخ الكبير ، ولا ذريته عن جنتهم شيئا حين احترقت ، ولا يردُّ الكافر إلى الدنيا فيُعْتَبَ ، كما لا يرجع الشيخ الكبير شابا ، فيغرس جنة مثل جنته ، ولم يقدم لنفسه خيرا ، فيعود عليه في الآخرة ، وهو أحوج ما يكون إليه كما لم يكن عند والده شيئا فيعودون به على أبيهم ، ويُحْرَم الخَيْرَ في الآخرة عند شدة حاجته إليه ، كما حُرِمَ جنتَه عندما كان أحوجَ ما يكون إليها عند كبر سنه وضعف ذريته ، { كذلك } ، يعني هكذا { يبين الله لكم الآيات } ، يعني يبين الله أمره ، { لعلكم } ، يقول : لكي { تتفكرون } في أمثال الله عز وجل فتعتبروا .