تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته  
{فَلَمَّا وَضَعَتۡهَا قَالَتۡ رَبِّ إِنِّي وَضَعۡتُهَآ أُنثَىٰ وَٱللَّهُ أَعۡلَمُ بِمَا وَضَعَتۡ وَلَيۡسَ ٱلذَّكَرُ كَٱلۡأُنثَىٰۖ وَإِنِّي سَمَّيۡتُهَا مَرۡيَمَ وَإِنِّيٓ أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ ٱلشَّيۡطَٰنِ ٱلرَّجِيمِ} (36)

36- { فلما وضعتها قالت رب إني وضعتها أنثى والله أعلم بما وضعت وليس الذكر كالأنثى وإني سميتها مريم وإني أعيذها بك وذريتها من الشيطان الرجيم }

المفردات :

أعيذها بك : أجيرها بك وأصل العوذ الالتجاء إلى سواك والتعلق به يقال عاذ بفلان إذا استجار به .

الرجيم : المرجوم المطرود من الخير .

التفسير :

أي فلما وضعتها أنثى على خلاف ما كانت تأمله قالت متحسرة حزينة على فوات رجائها .

{ رب إني وضعتها أنثى } قالت ذلك وهي تعلم بمكانة ما وضعته والله وحده هو الذي يعلم بشأنها وما علق بها من عظائم الأمور ودقائق الأسرار وقالت في تحسرها : { وليس الذكر كالأنثى } في خدمة بيت المقدس فإنهما مقصورة على الغلمان دون الإناث فكأنها تقول ما اصنع في نذري يا رب ؟

{ و إني سميتها مريم } وإني غير راجعة عما أنتويه من خدمتها بيت المقدس وإن كانت أنثى فإن لم تكن جديرة بسدانته فلتكن من العابدات القانتات ، ومعنى مريم العابدة .

وقد أطلقت عليها اسم مريم في اليوم الذي ولدت فيه وهي السنة في شريعتنا أيضا .

فقد اخرج الشيخان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : " ولد لي ولد سميته باسم أبي إبراهيم " . ( 164 ) .

و اخرج الشيخان أيضا ان النبي صلى الله عليه وسلم حمل إليه وليد فحنكه وسماه عبد الله .

{ و إني أعيذها بك وذريتها من الشيطان الرجيم } .

وإني أجيرها بحفظك ورعايتك من الشيطان المطرود من الخير .

روى الشيخان عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " كل بني آدم يمسه الشيطان يوم ولادته أمه إلا مريم وابنها " ( 165 ) . والمراد أن الشيطان يطمع في إغواء كل مولود بحيث يتأثر منه إلا مريم وابنها فإن الله تعالى عصمهما ببركة هذه الاستعاذة .