تفسير مقاتل بن سليمان - مقاتل  
{فَلَمَّا وَضَعَتۡهَا قَالَتۡ رَبِّ إِنِّي وَضَعۡتُهَآ أُنثَىٰ وَٱللَّهُ أَعۡلَمُ بِمَا وَضَعَتۡ وَلَيۡسَ ٱلذَّكَرُ كَٱلۡأُنثَىٰۖ وَإِنِّي سَمَّيۡتُهَا مَرۡيَمَ وَإِنِّيٓ أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ ٱلشَّيۡطَٰنِ ٱلرَّجِيمِ} (36)

{ فلما وضعتها قالت رب إني وضعتها أنثى والله أعلم بما وضعت وليس الذكر كالأنثى } ، والأنثى عورة ، فيها تقديم يقول الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم : { والله أعلم بما وضعت } ، ثم قالت حنة : { وإني سميتها مريم } ، وكذلك كان اسمها عند الله عز وجل ، { وإني أعيذها بك وذريتها } ، يعني عيسى { من الشيطان الرجيم } يعني الملعون ، فاستجاب الله لها ، فلم يقربها ولا ذريتها شيطان ، وخشيت حنة ألا تقبل الأنثى محررة ، فلفتها في خرق ووضعتها في بيت المقدس عند المحراب ، حيث يدرس القراء ، فتساهم القوم عليها ، لأنها بنت إمامهم وسيدهم ، وهم الأحبار من ولد هارون أيهم يأخذها .

قال زكريا ، وهو رئيس الأحبار : أنا آخذها ، أنا أحقكم بها ، لأن أختها أم يحيى عندي ، فقال القراء : وإن كان في القوم من هو أقرب إليها منك ؟ فلو تركت لأحق الناس بها لتركت لأمها ، ولكنها محررة ، ولكن هلم نتساهم عليها ، من خرج سهمه فهو أحق بها ، فاقترعوا ، فقال الله عز وجل لمحمد صلى الله عليه وسلم : { وما كنت لديهم } ، يعني عندهم فتشهدهم ، { إذ يلقون أقلامهم } ، حين اقترعوا ثلاث مرات بأقلامهم التي كانوا يكتبون بها الوحي أيهم يكفلها ؟ أيهم يضمها ؟ فقرعهم زكريا فقبضها ، ثم قال الله عز وجل لمحمد صلى الله عليه وسلم : { وما كنت لديهم إذ يختصمون } ( آل عمران : 44 ) في مريم ، فذلك قوله : { وكفلها زكريا } .