يبحث في الأرض : أي : يحفر في الأرض .
سوءة أخيه : السوءة في الأصل : العورة . والمراد بها هنا : جسد أخيه الذي قتله .
يا ويلتا : كلمة جزع وتحسر ، والويلة والويل بمعنى : الهلكة . كأنه ينادي هلاكه ليحل به ؛ لينقذه مما حل به من الدواهي .
31- فَبَعَثَ اللّهُ غُرَابًا يَبْحَثُ فِي الأَرْضِ لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوَارِي سَوْءةَ أَخِيهِ . . .
تحير القاتل بعد أن ارتكب جريمته ، ورأى جثة أخيه أمامه في العراء ، معرضة لنهش السباع والطيور ، ولم يكن الدفن معروفا للبشرية قبل هذه الحادثة ، التي راح ضحيتها- لأول مرة- إنسان كان مملوءا حيوية ونشاطا ، فأصبح جثة هامدة ، يتسرب إليها العفن ، ويسرع إليها النتن ويؤدي ريحها الأنوف .
فَبَعَثَ اللّهُ غُرَابًا يَبْحَثُ فِي الأَرْضِ . أي : يحفر وينبش بمنقاره ورجليه متعمقا في الأرض .
لِيُرِيَهُ . أي : ليعلم ذلك القاتل ويعرفه .
كَيْفَ يُوَارِي سَوْءةَ أَخِيهِ . كيف يستر في التراب جسم أخيه بعد أن فارقته الحياة .
قال القرطبي : قال المجاهد : بعث الله غرابين فاقتتلا حتى قتل أحدهما الآخر ، ثم حفر فدفنه ؛ فتعلم قابيل ذلك من الغراب ، وكان ابن آدم هذا أول من قتل {[210]} .
قَالَ يَا وَيْلَتَا أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هَذَا الْغُرَابِ فَأُوَارِيَ سَوْءةَ أَخِي . أي : فنادى قابيل متحسرا جزعا يا ويلتا ، وكلمة : يا ويلتا : أصلها يا ويلتي ، وهي كلمة جزع وتحسر تستعمل عند وقوع المصيبة العظيمة ، كأن المتحسر ينادي ويلته ويطلب حضورها بعد تنزيلها منزلة من ينادي .
أي : قال القاتل لأخيه ظلما : يا فضيحتي ، ويلتي أقبلى ، فهذا وقتك ؛ لأني قد نزلت بي أسبابك . والتفت قابيل للغراب قال :
أضعفت عن الحيلة التي تجعلني مثل هذا الغراب ، فأستر جسد أخي في التراب كما دفن الغراب بمنقاره ورجليه في الأرض ما أراد دفنه .
فَأَصْبَحَ مِنَ النَّادِمِينَ . أي : ندم قابيل على قتل أخيه بعد ما رأى وعاش في آثار جريمته ، قال صاحب المنار : والندم الذي ندمه قابيل ، هو ما يعرض لكل إنسان عقب ما يصدر من الخطأ في فعل فعله ، إذا ظهر له ان فعله كان شر له لا خيرا ، وقد يكون الندم توبة إذا كان سببه الخوف من الله ، والتألم من تعدي حدوده ، وهذا هو المراد بحديث " الندم توبة " {[211]} .
وأما الندم الطبيعي الذي أشرنا إليه ، فلا يعد وحده توبة {[212]} .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.