تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{فَبَعَثَ ٱللَّهُ غُرَابٗا يَبۡحَثُ فِي ٱلۡأَرۡضِ لِيُرِيَهُۥ كَيۡفَ يُوَٰرِي سَوۡءَةَ أَخِيهِۚ قَالَ يَٰوَيۡلَتَىٰٓ أَعَجَزۡتُ أَنۡ أَكُونَ مِثۡلَ هَٰذَا ٱلۡغُرَابِ فَأُوَٰرِيَ سَوۡءَةَ أَخِيۖ فَأَصۡبَحَ مِنَ ٱلنَّـٰدِمِينَ} (31)

وقوله تعالى : { فبعث الله غرابا يبحث في الأرض ليريه كيف يواري سوءة أخيه } استدل من قال : بأن القصة كانت في ابن آدم لصلبه بقوله تعالى : { فبعث الله غرابا في الأرض ليريه كيف يواري سوءة أخيه } لأن القصة كانت في بني إسرائيل لم يكن ليجهل دفن الميت ، إذ قد رأى ذلك غير مرة ، وعاينه ، فدل أنه كان أول ميت جعلت السنة فيه .

وقال من قال : إنهما كانا رجلين من بني إسرائيل ؛ إذ قد يجوز أن يخفى على المرء شيء علمه قبل ذلك ، وعاينه ، إذا اشتد به الخوف ، ونزل به الهول كقوله تعالى : { يوم يجمع الله الرسل فيقول ماذا أجبتم قالوا لا علم لنا } [ الآية : 109 ] وقد كان لهم علم بذلك لكن ذهب عنهم ، والله أعلم .

ثم اختلف في ما أخبر عن بحث التراب في الأرض ؛ قال الحسن رضي الله عنه يبحث التراب على ذلك الميت ليري ذلك القاتل ، لا أنه كان يبحث التراب على غراب آخر على ما ذكرنا في القصة أن غرابا قتل آخر ، ثم جعل يبحث التراب عليه لأنه ذكر السوءة ، وليس للغراب سوءة ، والسوءة العورة ، لكنه ليريه كيف يواري سواء أخيه [ لم يذكر السوءة في الغراب ، إنما ذكرها في أخيه ، وأخبر أنه يريد أن يريه ] كيف يواري سوأته ، والله أعلم .

وقوله تعالى : { قال يا ويلتى أعجزت أن أكون مثل هذا الغراب فأواري سوءة أخي } ] { أعجزت } في الحيلة { أن أكون مثل هذا الغراب فأواري سوءة أخي } ؟