بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{فَبَعَثَ ٱللَّهُ غُرَابٗا يَبۡحَثُ فِي ٱلۡأَرۡضِ لِيُرِيَهُۥ كَيۡفَ يُوَٰرِي سَوۡءَةَ أَخِيهِۚ قَالَ يَٰوَيۡلَتَىٰٓ أَعَجَزۡتُ أَنۡ أَكُونَ مِثۡلَ هَٰذَا ٱلۡغُرَابِ فَأُوَٰرِيَ سَوۡءَةَ أَخِيۖ فَأَصۡبَحَ مِنَ ٱلنَّـٰدِمِينَ} (31)

قوله تعالى : { فَبَعَثَ الله غُرَاباً يَبْحَثُ في الأرض } وقابيل ينظر إليه . وقال القتبي : هذا من الاختصار ، ومعناه بعث غراباً يبحث التراب على غراب الميت { لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوَارِي سَوْأَةَ أَخِيهِ } يعني كيف يغطي عورة أخيه { قَالَ } قابيل عند ذلك : { قَالَ يا ويلتا أَعَجَزْتُ } يعني أضعفت في الحيلة { أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هذا الغراب فَأُوَارِيَ سَوْأَةَ أَخِي } يعني فأغطي عورة أخي { فَأَصْبَحَ مِنَ النادمين } على حمله حيث لم يدفنه حين قتله . قال ابن عباس : ولو كانت ندامته على قتله لكانت الندامة توبة منه . ويقال : إن آدم وحواء أتيا قبره وبكيا أياماً عليه ، ثم إن قابيل كان على ذروة جبل ، فنطحه ثور فوقع على السفح فتفرقت عروقه . ويقال : دعا عليه آدم فانخسفت به الأرض . وقال مقاتل : كان قبل ذلك السباع والطيور تستأنس بآدم ، فلما قتل قابيل أخاه هربوا فحلقت الطيور بالهواء والوحوش بالبرية والسباع بالغياض ، فتزوج شيث عليه السلام بإقليما . وروي عن عبد الله بن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : « لا تُقْتَلُ نَفْسٌ ظُلْماً إلاَّ كَانَ عَلَى ابْنِ آدَمَ الأوَّلِ كِفْلٌ مِنْ دَمِهَا ، لأنَّهُ أَوَّلُ مَنْ سَنَّ القَتْلَ » وقال بعضهم : هذه القصة كانت في بني إسرائيل ، وهما أخوان قتل أحدهما الآخر ، ولكن هذا خلاف قول المفسرين .