الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{فَبَعَثَ ٱللَّهُ غُرَابٗا يَبۡحَثُ فِي ٱلۡأَرۡضِ لِيُرِيَهُۥ كَيۡفَ يُوَٰرِي سَوۡءَةَ أَخِيهِۚ قَالَ يَٰوَيۡلَتَىٰٓ أَعَجَزۡتُ أَنۡ أَكُونَ مِثۡلَ هَٰذَا ٱلۡغُرَابِ فَأُوَٰرِيَ سَوۡءَةَ أَخِيۖ فَأَصۡبَحَ مِنَ ٱلنَّـٰدِمِينَ} (31)

قوله : ( فَبَعَثَ اللَّهُ غُرَاباً ) الآية [ 33 ] .

قرأ( {[15711]} ) الحسن : ( أَعَجِزَتْ ) بكسر الجيم ، وهي لغة شاذة ، إنما يقال : " عَجزَت المَرْأةُ " : إذا كبِرت( {[15712]} ) عجيزتها( {[15713]} ) .

ومعنى الآية : أن القاتل لم يدر ما يصنع به( {[15714]} ) .

قال ابن عباس : فمكث يحمل أخاه في خِوان( {[15715]} ) على رقبته سنة ، فبعث الله غرابين ، فرآهما يبحثان( {[15716]} ) . فقال : أعجزت أن أكون مثل هذا الغراب فأواري سوأة أخي ؟ ( {[15717]} ) . / وقيل : بعث الله غراباً حياً إلى غراب ميت ، فجعل الحي يواري الميت فتعلم منه ابن آدم . وقيل : بعث الله غرابين أخوين فاقتتلا قدّامه ، فقتل أحدهما الآخر ، فأقبل القاتل يواري( {[15718]} ) المقتول فتعلم ابن آدمَ القاتلُ( {[15719]} ) منه ، فوارى( {[15720]} ) أخاه( {[15721]} ) .

وقال مجاهد : كان يحمله على عاتقه( {[15722]} ) مائة سنة لا يدري ما يصنع به حتى رأى الغراب يدفن الغراب ، فقال : ( يَاوَيْلَتَى )( {[15723]} ) أعجَزت أن ( اَكُونَ )( {[15724]} ) أفعل مثل ما فعل هذا ؟ ( {[15725]} ) .

وهذا كله مَثَلٌ ضربه الله لابن آدم وحرصه في الدنيا( {[15726]} ) .

ومعنى ( مِنَ النَّادِمِينَ ) أي : من النادمين على قتل أخيه( {[15727]} ) .

قال نافع : ( مِنَ اَجْلِ ذَلِكَ ) التمام ، وخالفه في ذلك جماعة العلماء باللغة( {[15728]} ) ، وقالوا التمام ( مِنَ النَّادِمِينَ )( {[15729]} ) ، لأن الذي كُتب على بني إسرائيل إنما كان من أجل قتل ابْنَي آدم : أحدهما( {[15730]} ) الآخر( {[15731]} ) . وإذا وقف على ( مِنَ اَجْلِ ذَلِكَ ) ، صار إنما كُتب عليهم لغير علة ، وليس التفسير على ذلك( {[15732]} ) .


[15711]:- ب: قر.
[15712]:- ب: كرت.
[15713]:- انظر: إعراب النحاس 1/494، وفي مختصر ابن خالويه 32 أنها قراءة الحسن بن عمارة وأبي وافد.
[15714]:- انظر: تفسير الطبري 10/224.
[15715]:- في تفسير الطبري 10/225: جراب.
[15716]:- د: ينحثان.
[15717]:- انظر: تفسير الطبري 10/225.
[15718]:- ب: يواوي.
[15719]:- الظاهر من الخرم في "أ" أنها كما أثبت.
[15720]:- ب ج د: فدفن.
[15721]:- انظر: قول ابن عباس والسدي ومجاهد في تفسير الطبري 10/225 و226.
[15722]:- ب: عانقه.
[15723]:- ساقطة من ب ج د.
[15724]:- ساقطة من ب ج د.
[15725]:- انظر: تفسير الطبري 10/227.
[15726]:- "وحرض به المؤمنين من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم على استعمال العفو والصفح عن اليهود الذين كانوا هموا بقتل النبي" تفسير الطبري 10/229.
[15727]:- انظر: التفسير الكبير 11/211.
[15728]:- الأجود عند الزجاج في معانيه 2/168: الابتداء بقوله من أجلِ ذلك...
[15729]:- "بناء على المشهور" المقصد 31.
[15730]:- د: إحداهما.
[15731]:- انظر: القطع 286.
[15732]:- انظر: المحرر 5/83 و84.