السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{وَءَاتَيۡنَٰهُ فِي ٱلدُّنۡيَا حَسَنَةٗۖ وَإِنَّهُۥ فِي ٱلۡأٓخِرَةِ لَمِنَ ٱلصَّـٰلِحِينَ} (122)

الصفة الثامنة : قوله تعالى : { وآتيناه في الدنيا حسنة } ، قال قتادة : حببه للناس حتى أنّ أرباب الملل يتولونه ويثنون عليه ، وأمّا المسلمون واليهود والنصارى فظاهر ، وأمّا كفار قريش وسائر العرب فلا فخر لهم إلا به ، وتحقيق القول أنّ الله تعالى أجاب دعاءه في قوله : { واجعل لي لسان صدق في الآخرين } [ الشعراء ، 84 ] ،

وقال آخرون : هو قول المصلي منا كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم . وقيل : أولاداً أبراراً على الكبر . الصفة التاسعة : قوله تعالى : { وإنه في الآخرة لمن الصالحين } ، في الجنة . فإن قيل : لم لم يقل تعالى في أعلى مقامات الصالحين ؟ أجيب : بأنه تعالى حكى عنه أنه قال : { رب هب لي حكماً وألحقني بالصالحين } [ الشعراء ، 83 ] ، فقال تعالى هنا : { وإنه في الآخرة لمن الصالحين } ، تنبيهاً على أنه تعالى أجاب دعاءه ، ثم إنّ كونه من الصالحين لا ينفي أن يكون في أعلى مقامات الصالحين ، فإنّ الله تعالى بيّن ذلك في آية أخرى ، وهي قوله تعالى : { وتلك حجتنا آتيناها إبراهيم على قومه نرفع درجات من نشاء } [ الأنعام ، 83 ] .