السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{وَإِن مِّنكُمۡ إِلَّا وَارِدُهَاۚ كَانَ عَلَىٰ رَبِّكَ حَتۡمٗا مَّقۡضِيّٗا} (71)

ولما كانوا بهذا الإعلام المؤكد بالإقسام من ذي الجلال والإكرام جديرين بإصغاء الأفهام إلى ما توجه إليها من الكلام التفت إلى مقام الخطاب إفهاماً للعموم فقال تعالى : { وإن } أي : وما { منكم } أيها الناس أحد { إلا واردها كان } ذلك الورود { على ربك } الموجد لك المحسن إليك { حتماً مقضياً } أي : حتمه وقضى به لا يتركه والورود موافاة المكان فاختلفوا في معنى الورود هنا . فقال ابن عباس والأكثرون : الورود هاهنا هو الدخول والكناية راجعة إلى النار وقالوا يدخلها البرّ والفاجر ثم ينجي الله المتقين فيخرجهم منها ويدل على أنّ الورود هو الدخول قوله تعالى : { يقدم قومه يوم القيامة فأوردهم النار } [ هود ، 98 ] وروى ابن عيينة عن عمرو بن دينار أنّ نافع بن الأزرق مارى ابن عباس في الورود فقال ابن عباس : هو الدخول وقال نافع ليس الورود الدخول ، فتلا ابن عباس { إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم أنتم لها واردون } [ الأنبياء ، 98 ] أدخلها هؤلاء أم لا ؟ ثم قال : يا نافع أما والله أنا وأنت سنردها وأنا أرجو أن يخرجني الله منها وما أرى الله يخرجك منها بتكذيبك ، ويدل عليه أيضاً قوله تعالى : { ثم ننجي الذين اتقوا } .