السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{فَقَالَ ٱلۡمَلَؤُاْ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِن قَوۡمِهِۦ مَا هَٰذَآ إِلَّا بَشَرٞ مِّثۡلُكُمۡ يُرِيدُ أَن يَتَفَضَّلَ عَلَيۡكُمۡ وَلَوۡ شَآءَ ٱللَّهُ لَأَنزَلَ مَلَـٰٓئِكَةٗ مَّا سَمِعۡنَا بِهَٰذَا فِيٓ ءَابَآئِنَا ٱلۡأَوَّلِينَ} (24)

{ فقال } أي : فتسبب عن ذلك أنّ كذبوه بأنّ قال { الملأ } أي : الأشراف الذي تملأ رؤيتهم الصدور عظمة { الذين كفروا من قومه } لعوامهم { ما هذا } أي : نوح عليه السلام { إلا بشر مثلكم } أي : فلا يعلم ما لا تعلمون فأنكروا أنّ يكون بعض البشر نبياً ، ولم ينكروا أنّ يكون بعض الطين إنساناً وبعض الماء علقة ، وبعض العلقة مضغة إلى آخره ، فكأنه قيل : ما حمله على ذلك فقالوا : { يريد أنّ يتفضل } يتكلف الفضل بادعاء مثل هذا { عليكم } لتكونوا أتباعاً له ولا خصوصية له دونكم { ولو شاء الله } أي : الملك الأعلى الإرسال إليكم وعدم عبادة غيره { لأنزل } كذلك { ملائكة } رسلاً بإبلاغ الوحي إلينا قال الزمخشري : وما أعجب شأنّ الضلال لم يرضوا للنبوة ببشر ، وقد رضوا للألوهية بحجر { ما سمعنا بهذا } أي : الذي دعا إليه نوح من التوحيد { في آبائنا الأولين } أي : الأمم الماضية .