السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{قَالَ رَبُّ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ وَمَا بَيۡنَهُمَآۖ إِن كُنتُم مُّوقِنِينَ} (24)

ولما كان جواب هذا السؤال لا يمكن تعريفه إلا بلوازمه الخارجية لامتناع التعريف بنفسه وبما هو داخل فيه لاستحالة التركيب في ذاته عدل موسى عليه السلام إلى جواب ممكن فأجاب بصفاته تعالى ، كما قال تعالى إخباراً عنه : { قال رب } أي : خالق ومبدع ومدبر { السماوات } كلها { والأرض } وإن تباعدت أجرامها بعضها من بعض { وما بينهما } أي : بين السماوات والأرض فأعاد ضمير التثنية على جمعين اعتباراً بالجنسين وخصه بهذه الصفات لأنها أظهر خواصه وآثاره وفيه إبطال لدعواه أنه إله ، ومعنى قوله { إن كنتم موقنين } أي : إن كان يرجى منكم الإيقان الذي يؤدّي إليه النظر الصحيح نفعكم هذا الجواب و إلا لم ينفع ، أو إن كنتم موقنين بشيء قط فهذا أولى ما توقنون به لظهوره وإنارة دليله .