ولما كان كأنه قيل ما المقصود من هذا ؟ قال : { إنّ فرعون } ملك مصر الذي ادّعى الإلهية { علا } أي : بادعاء الإلهية وتجبره على عباد الله وقهره لهم { في الأرض } أي : أرض مصر وإطلاقها يدل على تعظيمها وأنها كجميع الأرض لاشتمالها على ما قل أن يشتمل عليه غيرها { وجعل } أي : بما جعلنا له من نفوذ الكلمة { أهلها } أي : أهل الأرض المرادة { شيعاً } أي : فرقاً تتبع كل فرقة شيئاً يتبعونه على ما يريد ويطيعونه لا يملك أحد منهم أن يكون عتيقه ، أو أصنافاً في استخدامه يسخر صنفاً في بناء ، وصنفاً في حفر ، وصنفاً في حرث ، ومن لم يستعمله ضرب عليه الجزية ، أو فرقاً مختلفة قد أغرى بينهم العداوة والبغضاء وهم بنو إسرائيل والقبط .
وقوله تعالى { يستضعف طائفة منهم } يجوز فيه ثلاثة أوجه أن يكون حالاً من فاعل جعل أي : جعلهم كذلك حالة كونه مستضعفاً طائفة منهم ، وأن يكون صفة لشيعاً وأن يكون استئنافاً بياناً لحال الأهل الذين جعلهم فرقاً وأصنافاً وهم بنو إسرائيل الذين كانت حياة جميع أهل مصر على يدي واحد منهم وهو يوسف عليه السلام وفعل معهم من الخير ما لم يفعله والد مع ولده ومع ذلك كافؤوه في أولاده وأولاد إخوته بأن استعبدوهم ثم ما كفاهم ذلك حتى ساؤهم على يدي العنيد سوء العذاب ، قال البقاعي : وهذا حال الغرباء بينهم قديماً وحديثاً ثم بين الاستضعاف بقوله تعالى { يذبح أبناءهم } أي : عند الولادة وكَّل بذلك أناساً ينظرون كلما ولدت امرأة ذكراً ذبحوه وسبب ذلك أن كاهناً قال له سيولد مولود في بني إسرائيل يذهب ملكك على يديه فولد تلك الليلة اثنا عشر غلاماً فقتلهم ، وبقي هذا العذاب في بني إسرائيل سنين كثيرة وكان ذلك من غاية حمق فرعون فإنه إن صدق الكاهن لم يدفع القتل الكائن وإن كذب فما وجه القتل { ويستحيي نساءهم } أي : يريد حياة الإناث فلا يذبحهنّ ، وقال السدي : إنّ فرعون رأى في منامه ناراً أقبلت من بيت المقدس إلى مصر فأحرقت القبط دون بني إسرائيل فسأل عن رؤياه فقيل له : يخرج من هذا البلد من بني إسرائيل رجل يكون هلاك مصر على يديه فأمر بقتل الذكور ، وقيل : إنّ الأنبياء عليهم السلام الذين كانوا قبل موسى عليه السلام بشروا بمجيئه فسمع فرعون ذلك فأمر بذبح بني إسرائيل .
{ إنه } أي : فرعون { كان من المفسدين } فلذلك اجترأ على قتل خلق كثير من أولاد الأنبياء لتخيل فاسد ، قال وهب : ذبح فرعون في طلب موسى سبعين ألفاً من بني إسرائيل .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.