الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{إِنَّ فِرۡعَوۡنَ عَلَا فِي ٱلۡأَرۡضِ وَجَعَلَ أَهۡلَهَا شِيَعٗا يَسۡتَضۡعِفُ طَآئِفَةٗ مِّنۡهُمۡ يُذَبِّحُ أَبۡنَآءَهُمۡ وَيَسۡتَحۡيِۦ نِسَآءَهُمۡۚ إِنَّهُۥ كَانَ مِنَ ٱلۡمُفۡسِدِينَ} (4)

ثم قال تعالى{[53154]} : { إن فرعون علا في الأرض }[ 3 ] ، أي تجبر وتكبر ، لم يرد علو مكان ، وعلى ذلك ما وصف الله بالعلو ، ليس هو علو مكان { وجعل أهلها شيعا }[ 3 ] ، أي فرقا يذبح طائفة ، ويستحيي طائفة ، ويستعبد طائفة . { إنه كان من المفسدين }[ 3 ] ، أي ممن يفسد في الأرض بقتله من لا يستحق القتل ، واستعباده من ليس له استعباده{[53155]} ، وتجبره بغير حق .

قال السدي : رأى فرعون في نامه أن نارا أقبلت من بيت المقدس حتى اشتملت على بيوت مصر ، فدعا السحرة والكهنة والقافة فسألهم عن رؤياه ، فقالوا : يخرج من هذا البلد{[53156]} الذي جاء بنو إسرائيل منه ، يعنون بيت المقدس رجل يكون على وجهه ذهاب مملكتك{[53157]} ، وكان{[53158]} بنو إسرائيل لا يولد لهم غلام إلا ذبحه ، ولا يولد لهم{[53159]} جارية إلا تركت{[53160]} . وقال للقبط{[53161]} : انظروا مملوكيكم{[53162]} الذين يعملون خارجا فأدخلوهم ، واجعلوا{[53163]} بني إسرائيل يلون تلك الأعمال القذرة ، فجعل بنو{[53164]} إسرائيل في أعمال{[53165]} غلمانهم{[53166]} ، وأدخلوا غلمانهم ، فذلك قوله : { وجعل أهلها شيعا }{[53167]} وواحد{[53168]} الشيع : شيعة ، وهي الفرقة التي يشيع{[53169]} بعضها بعضا أي يعاونه{[53170]} .

قال أبو إسحاق : إنما فعل ذلك لأن بعض الكهنة قال{[53171]} له : إن مولودا يولد مع{[53172]} ذلك الحين يكون سبب زوال ملكه . فالعجب من حمق فرعون إن كان الكاهن عنده صادقا فما يغني القتل ، وإن كان كاذبا فما يصنع بالقتل .


[53154]:"تعالى" سقطت من ز.
[53155]:ز: استعبادة.
[53156]:ز: هذه البلدة.
[53157]:ز: خراب مملكتك على وجهه.
[53158]:ز: فكان.
[53159]:ز: تولد.
[53160]:بعده في ز: استعبدها.
[53161]:ز: القبط: وهو تحريف كما يفهم من السياق.
[53162]:ز: إلى مملوككم.
[53163]:ز: وجعلوا.
[53164]:ز: "بني".
[53165]:ز: أعمالهم.
[53166]:ز: وغلمانهم.
[53167]:ابن جرير20/27.
[53168]:ز: واحد.
[53169]:ز: "شيع".
[53170]:انظر: اللسان 8/188 مادة: شيع.
[53171]:ز: قالوا.
[53172]:ز: في.