تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{إِنَّ فِرۡعَوۡنَ عَلَا فِي ٱلۡأَرۡضِ وَجَعَلَ أَهۡلَهَا شِيَعٗا يَسۡتَضۡعِفُ طَآئِفَةٗ مِّنۡهُمۡ يُذَبِّحُ أَبۡنَآءَهُمۡ وَيَسۡتَحۡيِۦ نِسَآءَهُمۡۚ إِنَّهُۥ كَانَ مِنَ ٱلۡمُفۡسِدِينَ} (4)

[ الآية 4 ] وقوله : { إن فرعون علا في الأرض } قال بعضهم : تجبر ، واستكبر ، وأبى أن يخضع لموسى ولأمثاله . وقال بعضهم : { علا في الأرض } أي بغى ، وقهر . فيكون تفسيره ما ذكر على إثره : { يستضعف طائفة منهم يذبح أبناءهم ويستحي نساءهم } هذا ، والله أعلم ، يشبه أن يكون علوه وبغيه في الأرض ، ويشبه أن يكون قوله : { علا في الأرض } أي علا قدره ، وارتفعت رتبته لما ادعى لنفسه الألوهية والربوبية بعد ما كان عبدا كسائر العباد أو دونهم ، فعلا قدره ، وارتفعت منزلته بدعواه : { علا في الأرض } أي غلب .

وقوله تعالى : { وجعل أهلها شيعا } قيل : فرقا : يستضعف طائفة ، ويذبح طائفة ، ويستحيي طائفة ، ويعذب طائفة . جائز أن يكون قوله : { وجعل أهلها شيعا } أي جعل لكل طائفة منه عبادة صنم ، لم يجعل ذلك لطائفة أخرى ، وجعل طائفة أخرى على علم أولئك وحوائجهم ليتفرغوا لعبادة الأصنام التي استعبدهم لها ، لأن الشيع فرق ، يرجعون جميعا إلى أصل واحد وإلى أمر واحد .

وقوله تعالى : { إنه كان من المفسدين } كذلك كان ، لعنه الله .