اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{وَقِيلَ ٱدۡعُواْ شُرَكَآءَكُمۡ فَدَعَوۡهُمۡ فَلَمۡ يَسۡتَجِيبُواْ لَهُمۡ وَرَأَوُاْ ٱلۡعَذَابَۚ لَوۡ أَنَّهُمۡ كَانُواْ يَهۡتَدُونَ} (64)

قوله : { وَقِيلَ ادعوا شُرَكَاءَكُمْ } أي : وقيل للكافرين ادعوا شركاءكم ، أي : الأصنام لتخلصكم من العذاب «فَدَعَوْهُمْ » ( فَلَمْ يَسْتَجِيبُوا ){[40656]} لَهُمْ لم يجيبوهم ، والأقرب أن هذا على سبيل التقريع ، لأنهم يعلمون أنه لا فائدة في دعائهم لهم{[40657]} .

قوله : { لَوْ أَنَّهُمْ كَانُواْ } جوابها محذوف أي : لما رأوا العذاب ، أو لدفعوه ، قال الضحاك{[40658]} ومقاتل : يعني المتبوع والتابع يرون العذاب ولو أنهم كانوا يهتدون في الدنيا ما أبصروا في الآخرة ، وقيل : لو أنهم كانوا مهتدين في الدنيا لعلموا أنَّ العذاب حق ، وقيل : لو كانوا{[40659]} يهتدون لوجه من وجوه الحيل لدفعوا به العذاب . وقيل قد آن لهم أن يهتدوا لو أنهم كانوا يهتدون إذا رأوا العذاب ويؤكد ذلك قوله { لاَ يُؤْمِنُونَ بِهِ حتى يَرَوُا العذاب الأليم }{[40660]} قال ابن الخطيب : وعندي أن الجواب غير محذوف وفي تقديره وجوه :

أحدها : أن الله تعالى لما خاطبهم بقوله { ادعوا شُرَكَاءَكُمْ } فهاهنا يشتد الخوف عليهم ويصيرون بحيث لا يرون شيئاً ، فقال تعالى : { وَرَأَوُا العذاب لَوْ أَنَّهُمْ كَانُوا يَهْتَدُونَ } شيئاً ولما صاروا من شدة الخوف لا يبصرون شيئاً لا جرم ما رأوا العذاب .

وثانيها : أن الله تعالى لما ذكر عن الشركاء وهم الأصنام الذين لا يجيبون الذين دعوهم ، قال في حقهم : { وَرَأَوُا{[40661]} العذاب لَوْ أَنَّهُمْ كَانُوا يَهْتَدُونَ } مشاهدين العذاب ، وكانوا من الأحياء لاهتدوا ، ولكنها ليست كذلك ، فلا جرم ما رأت العذاب فإن قيل : قوله : «ورأوا العَذَابَ » ضمير{[40662]} لا يليق إلا بالعقلاء ، وكيف يصح{[40663]} عوده للأصنام ، قلنا : هذا كقوله : { فَدَعَوْهُمْ فَلَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُمْ } ، وإنما أورد ذلك على حسب اعتقاد القوم فكذا هاهنا .

وثالثها : أن يكون المراد من الرؤية رؤية القلب{[40664]} ، أي : والكفار علموا حقيقة هذا{[40665]} العذاب في الدنيا لو كانوا يهتدون ، قال : وهذه الوجوه عندي خير من الوجوه المبنية على أن جواب «لو » محذوف ، فإن ذلك يقتضي تفكيك نظم{[40666]} الآية{[40667]} .


[40656]:ما بين القوسين في ب: فليستجيبوا.
[40657]:انظر الفخر الرازي 25/9.
[40658]:من هنا نقله ابن عادل عن الفخر الرازي 25/9.
[40659]:في ب: لو أنهم.
[40660]:آخر ما نقله هنا عن الفخر الرازي 25/9.
[40661]:في ب: رأوا.
[40662]:ضمير: تكملة من الفخر الرازي.
[40663]:في الأصل: يليق.
[40664]:في الأصل: العذاب.
[40665]:هذا سقط من ب.
[40666]:في ب: النظم.
[40667]:الفخر الرازي 25/9.