السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{وَذَرِ ٱلَّذِينَ ٱتَّخَذُواْ دِينَهُمۡ لَعِبٗا وَلَهۡوٗا وَغَرَّتۡهُمُ ٱلۡحَيَوٰةُ ٱلدُّنۡيَاۚ وَذَكِّرۡ بِهِۦٓ أَن تُبۡسَلَ نَفۡسُۢ بِمَا كَسَبَتۡ لَيۡسَ لَهَا مِن دُونِ ٱللَّهِ وَلِيّٞ وَلَا شَفِيعٞ وَإِن تَعۡدِلۡ كُلَّ عَدۡلٖ لَّا يُؤۡخَذۡ مِنۡهَآۗ أُوْلَـٰٓئِكَ ٱلَّذِينَ أُبۡسِلُواْ بِمَا كَسَبُواْۖ لَهُمۡ شَرَابٞ مِّنۡ حَمِيمٖ وَعَذَابٌ أَلِيمُۢ بِمَا كَانُواْ يَكۡفُرُونَ} (70)

{ وذر الذين اتخذوا دينهم } أي : الذي كلفوه { لعباً ولهواً } باستهزائهم به { وغرّتهم الحياة الدنيا } أي : خدعتهم وغلب حبها على قلوبهم فأعرضوا عن دين الحق أي : فاتركهم ولا تبال بتكذيبهم واستهزائهم وهذا يقتضي الإعراض عنهم وهو قبل الأمر بالقتال ثم نسخ ذلك الإعراض بآية السيف { وذكر } أي : وعظ { به } أي : القرآن الناس { أن } أي : كراهة أن { تبسل نفس } أي : تسلم إلى الهلاك { بما كسبت } أي : بسبب ما عملت وأصل الإبسال والبسل المنع ومنه أسد باسل لأنّ فريسته لا تفلت منه والباسل الشجاع لامتناعه من قرنه وهذا بسل عليك أي : حرام { ليس لها من دون الله } أي : غيره { وليّ } أي : ناصر { ولا شفيع } يمنع عنها العذاب { وإن تعدل } أي : تلك النفس لأجل التوصل إلى الفكاك { كل عدل } أي : وإن تفدِ كل فداء والعدل الفدية لأنها تعادل المفدي { لا يؤخذ منها } ما تفدى به { أولئك } أي : الذين عملوا هذه الأعمال البعيدة عن الخير { الذين أبسلوا } أي : سلموا إلى العذاب { بما كسبوا } أي : بسبب أعمالهم القبيحة وعقائدهم الزائغة { لهم شراب من حميم } أي : ماء هو في غاية الحرارة { و } لهم { عذاب أليم } أي : مؤلم { بما } أي : بسبب ما { كانوا يكفرون } أي : هم بين ماء يغلي يتجرجر في بطونهم ونار تشعل في أبدانهم بسبب كفرهم .