إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{وَأَوۡحَىٰ رَبُّكَ إِلَى ٱلنَّحۡلِ أَنِ ٱتَّخِذِي مِنَ ٱلۡجِبَالِ بُيُوتٗا وَمِنَ ٱلشَّجَرِ وَمِمَّا يَعۡرِشُونَ} (68)

{ وأوحى رَبُّكَ إلى النحل } ، أي : ألهمها ، وقذف في قلوبها ، وعلّمها بوجوه لا يعلمها إلا العليمُ الخبير ، وقرئ بفتحتين . { أَنِ اتخذي } ، أي : بأن اتخذي ، على أنّ " أنْ " مصدريةٌ ، ويجوز أن تكون مفسرةً لما في الإيحاء من معنى القول ، وتأنيثُ الضمير ، مع أن النحلَ مذكر ؛ للحمل على معنى الجمع ؛ أو لأنه جمعُ نحلة ، والتأنيثُ لغة أهل الحجاز . { مِنَ الجبال بُيُوتًا } ، أي : أوكاراً مع ما فيها من الخلايا ، وقرئ بيوتاً بكسر الباء . { وَمِنَ الشجر وَمِمَّا يَعْرِشُونَ } ، أي : يعرِشه الناسُ ، أي : يرفعه من كرْم أو سقف ، وقيل : المرادُ به ما يرفعه الناسُ ويبنونه للنحل ، والمعنى اتخذي لنفسك بيوتاً من الجبال والشجر إذا لم يكن لك أرباب ، وإلا فاتخذي ما يعرِشونه لك ، وإيرادُ حرفِ التبعيض ؛ لما أنها لا تبنى في كل جبل ، وفي كل شجر ، وكل عرش ، ولا في كل مكان منها .