ومن أعجب أحوال الحيوان : حال النحل ، المناسب عسلها اللبن في موافقة اللذة ، وفي الخروج من البطن ، فلذلك أفردها بالذكر عقيب ذلك قائلاً :{ وأوحى ربك } ، يا محمد أو يا إنسان إلى النحل ، أي : ألهمها وعلمها ، على وجه هو أعلم به ، ولقد حق لغريب أمرها وعجيب صنعتها ، أن يطلق عليه لفظ الإيحاء ، وذلك أنها تبني البيوت المسدسة من الأضلاع المتساويات ، التي لا يمكن للعقلاء تركيب أمثالها إلا بالمساطر والفرجارات ، وقد علم من الهندسة أن تلك البيوت لو كانت مشكلة بما سوى المسدسات ، فإنه يبقى بالضرورة فيما بينها فرج خالية ضائعة . فاهتداء ذلك الحيوان الضعيف إلى هذه الحكمة الدقيقة من الأعاجيب . ومن غرائب أمرها أن لها رئيساً ، هو أعظم جثة من الباقين ، وهم يخدمونه ، ويتبعون نهيه وأمره ، ومنها أنها إذا نفرت عن وكرها ذهبت مع الجمعية إلى موضع آخر ، فإذا أرادوا عودها إلى وكرها ، ضربوا الطبول والملاهي وآلات الموسيقى ، وبواسطة تلك الألحان يقدرون على ردها إلى أوكارها . وبالجملة فإن غرائب هذا الحيوان أكثر من أن تحصى ، وأشهر من أن تخفى ، والغرض : أن امتياز هذا الحيوان بهذه الخواص العجيبة ، الدالة على الذكاء والكياسة ، حالة شبيهة بالوحي ، بمعنى : الإلهام . قال الزجاج : يجوز أن يقال : سميت نحلاً ؛ لأنه تعالى نحل الناس العسل بواسطتها ، وهي مؤنثة في لغة أهل الحجاز ، ولذلك قال تعالى : { أن اتخذي } ، وهي " أن " ، المفسرة ؛ لأن الإيحاء فيه معنى القول . ومعنى : " من " ، في قوله : { من الجبال بيوتاً ومن الشجر ومما يعرشون } ، أي : يبنون ، ويرفعون البعضية ؛ لأنها لا تبني بيوتاً في كل جبل ، وكل شجر ؛ وكل ما يعرش ، ولكنها تبني في مساكن توافقها ، وتليق بها ، وكثيراً ما يتعهدها الناس ، وتصلح أحوالها .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.