قوله تعالى : " مَرَحاً " : العامة على فتحِ الراء ، وفيه أوجه :
أحدها : أنه مصدرٌ واقعٌ موقع الحال ، أي : مرحاً بكسر الراء ، ويدل عليه قراءة{[20427]} بعضهم فيما حكاه يعقُوب " مَرِحاً " بالكسرِ .
قال الزجاج : " مرَحاً " مصدر ، ومرِحاً : اسم الفاعل ، وكلاهما جائز ، إلا أن المصدر هنا أحسن وأوكد ، تقول : جاء زيد ركضاً وراكضاً ، وآكد ؛ لأنه يدل على توكيد الفعل .
الثاني : أنه على حذف مضافٍ ، أي : ذا مرحٍ .
والمَرحُ : شدَّة السرورِ والفرح ؛ مَرِحَ يمْرحُ مرحاً ، فهو مَرحٌ ؛ كفَرِحَ يَفْرحُ فرحاً ، فهو فَرِحٌ .
قوله : { إِنَّكَ لَن تَخْرِقَ الأرض وَلَن تَبْلُغَ الجبال طُولاً } الآية .
قرأ أبو الجرَّاح " لن تَخرُق " بضم الراء ، وأنكرها أبو حاتم وقال : لا نعرفها لغة البتَّة .
والمراد من الخرقِ ها هنا نقب الأرض ، وذكروا فيه وجوهاً :
الأول : أنَّ الشيء إنما يتمُّ بالارتفاع والانخفاض ، فكأنه قال إنَّك حال الانخفاض لا تقدر على خرق الأرض ونقبها ، وحال الارتفاع لا تقدر على أن تصل إلى رءوس الجبال ، والمعنى : أن الإنسان لا ينال بكبره وبطره شيئاً ، كمن يريد خرق الأرض ، ومطاولة الجبال لا يحصل على شيء .
والمراد التنبيهُ على كونه ضعيفاً عاجزاً ، فلا يليقُ به التكبُّر .
الثاني : أنَّ تحتك الأرض التي لا تقدر على خرقها ، وفوقك الجبال التي لا تقدر على الوصول إليها ، فأنت محاطٌ بك من فوقك ، ومن تحتك بنوعين من الجماد ، وأنت أضعف منهما بكثيرٍ ، والضعيف المحصور لا يليق به التكبُّر ، فكأنه قيل له : تواضع ، ولا تتكبَّر ؛ فإنَّك خلقٌ ضعيفٌ من خلق الله ، محصورٌ بين حجارةٍ وترابٍ ، فلا تفعل فعل القويِّ المقتدر .
الثالث : أنَّ من يمشي مختالاً يمشي مرَّة على عقبيه ، ومرَّة على صدور قدميه ، فقيل له : إنَّك لن تنقب الأرض ، إن مشيت على عقبيك ، ولن تبلغ الجبال طولاً ، إن مشيت على صدور قدميك .
قال عليٌّ - كرَّم الله وجهه- : كَان رسُول الله صلى الله عليه وسلم إذا مَشَى تَكَفَّأ تَكفُّؤاً ؛ كأنَّما ينحطُّ من صَبَبٍ{[20428]} .
وروى أبو هريرة - رضي الله عنه - قال : " ما رأيْتُ شَيْئاً أحْسنَ من رسُول الله صلى الله عليه وسلم كأنَّ الشَّمسَ تَجْري في وجْههِ ، وما رأيتُ أحداً أسرعَ مِشْيةً من رسُول الله صلى الله عليه وسلم كَأنَّما الأرضُ تطوى له ، إنَّا لنَجْهدُ أنْفُسنَا وهُو غَيْرُ مُكْترِثٍ " {[20429]} .
قوله تعالى : " طُولاً " يجوز أن يكون حالاً من فاعل " تَبلُغ " أو من مفعوله ، أو مصدراً من معنى " تبلغ " أو تمييزاً ، أو مفعولاً له ، وهذان ضعيفان جدًّا ؛ لعدمِ المعنى .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.