إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{ثُمَّ أَفِيضُواْ مِنۡ حَيۡثُ أَفَاضَ ٱلنَّاسُ وَٱسۡتَغۡفِرُواْ ٱللَّهَۚ إِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٞ رَّحِيمٞ} (199)

{ ثُمَّ أَفِيضُواْ مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ الناس } أي من عرَفةَ لا من المزدَلِفة والخطابُ لقريش لمّا كانوا يقفون بجمعٍ وسائرُ الناس بعرَفةَ ويرَوْن ذلك ترفعاً عليهم فأُمروا بأن يُساووهم و( ثم ) لتفاوتِ ما بين الإفاضتين كما في قولك : أحسِنْ إلى الناس ثم لا تُحسِنْ إلا إلى كريم وقيل : من مزدلفةَ إلى مِنىً بعد الإفاضةِ من عرَفة إليها ، والخطابُ عام وقرئ الناسِ بكسر السين أي الناسي على أن يراد به آدمُ عليه السلام من قوله تعالى :

{ فَنَسِي } [ طه ، الآيات : 88 ، 115 ] ، والمعنى أن الإفاضةَ من عرفه شرعٌ قديم فلا تغيِّروه { واستغفروا الله } من جاهليتكم في تغيير المناسكِ { إِنَّ الله غَفُورٌ رَحِيمٌ } يغفرُ ذنبَ المستغفِر ويُنعِمُ عليه فهو تعليلٌ للاستغفار أو للأمر به .