إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{إِنَّنِيٓ أَنَا ٱللَّهُ لَآ إِلَٰهَ إِلَّآ أَنَا۠ فَٱعۡبُدۡنِي وَأَقِمِ ٱلصَّلَوٰةَ لِذِكۡرِيٓ} (14)

{ إِنَّنِي أَنَا الله لا إله إِلا أَنَا } بدلٌ من ( ما يوحى ) ولا ريب في أن اختيارَه عليه الصلاة والسلام ليس لهذا الوحي فقط ، والفاءُ في قوله تعالى : { فاعبدني } لترتيب المأمورِ به على ما قبلها فإن اختصاصَ الألوهية به سبحانه وتعالى من موجبات تخصيصِ العبادةِ به عز وجل { اتل مَا } خُصت الصلاةُ بالذكر وأُفردت بالأمر مع اندراجها في الأمر بالعبادة لفضلها وإنافتِها على سائر العبادات بما نيطت به من ذكر المعبودِ وشُغل القلبِ واللسانِ بذكره ، وذلك قوله تعالى : { لِذِكْرِي } أي لتذكُرني فإن ذِكْري كما ينبغي لا يتحقق إلا في ضمن العبادةِ والصلاة ، أو لتذكُرني فيها لاشتمالها على الأذكار ، أو لذكري خاصةً لا تشوبُه بذكر غيري ، أو لإخلاص ذكري وابتغاءِ وجهي لا تُرائي بها ولا تقصِدُ بها غرضاً آخرَ ، أو لتكون ذاكراً لي غيرَ ناس ، وقيل : لذكري إياها وأمْري بها في الكتب ، أو لأنْ أذكُرَك بالمدح والثناء ، وقيل : لأوقات ذكري وهي مواقيتُ الصلاة ، أو لذِكْر صلاتي لما روي أنه عليه الصلاة والسلام قال : « من نام عن صلاة أو نسِيَها فليصلِّها إذا ذكرها لأن الله تعالى يقول : { وأقم الصلاة لذكري } » . وقرئ لذكرى بألف التأنيثِ وللذكرى معرفاً وللذكْر بالتعريف والتنكير .