إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{أَفَلَا يَرَوۡنَ أَلَّا يَرۡجِعُ إِلَيۡهِمۡ قَوۡلٗا وَلَا يَمۡلِكُ لَهُمۡ ضَرّٗا وَلَا نَفۡعٗا} (89)

وقوله تعالى : { أَفَلاَ يَرَوْنَ } الخ ، إنكار وتقبيحٌ من جهته تعالى لحال الضالّين والمُضلّين جميعاً وتسفيهٌ لهم فيما أقدموا عليه من المنكَر الذي لا يشتبه بطلانُه واستحالتُه على أحد وهو اتخاذُه إلها ، والفاءُ للعطف على مقدر يقتضيه المقامُ ، أي ألا يتفكرون فلا يعلمون { أَن لا يَرْجِعُ إِلَيْهِمْ قَوْلاً } أي أنه لا يرجِعُ إليهم كلاماً ولا يرد عليهم جواباً ، فكيف يتوهّمون أنه إله ؟ وقرئ يرجَع بالنصب ، قالوا : فالرؤية حينئذ بصريةٌ فإن أن الناصبةَ لا تقع بعد أفعالِ اليقين أي ألا ينظرون فلا يُبصرون عدمَ رجْعِه إليهم قولاً من الأقوال ، وتعليقُ الإبصار بما ذُكر مع كونه أمراً عدمياً للتنبيه على كمال ظهورِه المستدعي لمزيد تشنيعِهم وتركيكِ عقولِهم ، وقوله تعالى : { وَلاَ يَمْلِكُ لَهُمْ ضَرّاً وَلاَ نَفْعاً } عطف على لا يرجعُ داخلٌ معه في حيز الرؤية ، أي أفلا يرون أنه لا يقدر على أن يدفعَ عنهم ضرًّا أو يجلُبَ لهم نفعاً ، أو لا يقدر على أن يضرَّهم إن لم يعبدوه أو ينفعَهم إن عبدوه .