اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{أَفَلَا يَرَوۡنَ أَلَّا يَرۡجِعُ إِلَيۡهِمۡ قَوۡلٗا وَلَا يَمۡلِكُ لَهُمۡ ضَرّٗا وَلَا نَفۡعٗا} (89)

قوله : { أَفَلاَ يَرَوْنَ أَلاَّ يَرْجِعُ إِلَيْهِمْ قَوْلاً } أي : أن العجل لا يكلمهم ، لا يجيبهم إذا دعوه ، { وَلاَ يَمْلِكُ لَهُمْ ضَرّاً وَلاَ نَفْعاً } . وهذا استدلال على عدم أنه إله بأنه{[26264]} لا يتكلم ولا ينفع ولا يضر . وهذا يدل على أن الإله لا بد وأن يكون موصوفاً بهذه الصفات ، وهو كقوله تعالى في قصة إبراهيم -عليه السلام{[26265]}- { لِمَ تَعْبُدُ مَا لاَ يَسْمَعُ وَلاَ يَبْصِرُ }{[26266]} وأن موسى -عليه السلام{[26267]}- في الأكثر لا يعول{[26268]} إلا على{[26269]} دلائل إبراهيم ( عليه السلام ) {[26270]} .

قوله : { أَلاَّ يَرْجِعُ إِلَيْهِمْ } العامة على رفع " يَرْجِعُ " {[26271]} لأنها المخففة من الثقيلة ، ويدل على ذلك وقوع أصلها وهو المشددة في قوله : { أَلَمْ يَرَوْاْ أَنَّهُ لاَ يُكَلِّمُهُمْ }{[26272]} .

قال الزجاج : الاختيار الرفع{[26273]} بمعنى : أنه لا يرجع كقوله : { وحسبوا أَلاَّ تَكُونَ فِتْنَةٌ }{[26274]} بمعنى : أنه لا تكون .

وقرأ أبو حيوة والشافعي ( رضي الله عنه ){[26275]} وأبان بنصبه{[26276]} ، جعلوها{[26277]} الناصبة .

والرؤية على الأولى يقينية{[26278]} ، وعلى الثانية بصرية ، وقد تقدم تحقيق هذين القولين ( في المائدة{[26279]} ){[26280]} .

والسَّامريُّ : منسوب لقبيلة يقال لها سامرة{[26281]} .

فصل{[26282]}

دلَّت الآية على وجوب النظر في معرفة الله تعالى ، وقال في آية أخرى { أَلَمْ يَرَوْاْ أَنَّهُ لاَ يُكَلِّمُهُمْ وَلاَ يَهْدِيهِمْ سَبِيلاً }{[26283]} ، وهو قريب من قوله في ذم{[26284]} عبدة الأصنام { فَاسْأَلُوهُمْ إِن كَانُواْ يِنْطِقُونَ }{[26285]} ، أي لو كان يكلمهم لكان إلهاً ، والشيء يجوز أن يكون مشروطاً بشروط كثيرة ، وفوات واحد{[26286]} منها يقتضي فوات المشروط{[26287]} ، وحصول الواحد منها لا يقتضي حصول المشروط .

قال بعض اليهود لعليٍّ -رضي الله عنه- ما دَفَنْتُمْ نَبيَّكُمْ حتَّى اختلفتم .

فقال{[26288]} : اختلفنا عنه وما اختلفنا فيه ، وأنتم ما جفَّت أقدامكم من ماء{[26289]} البحر حتى قلتم لنبيكم اجعَلْ لَنَا إلَهاً كَمَا لَهُمْ آلِهَة .


[26264]:في ب: وبأنه.
[26265]:في ب: عليه الصلاة والسلام.
[26266]:[مريم: 42].
[26267]:في ب: عليه الصلاة والسلام.
[26268]:في ب: لا يقول. وهو تحريف.
[26269]:في ب: إلى. وهو تحريف.
[26270]:ما بين القوسين سقط من ب. وانظر الفخر الرازي 22/104.
[26271]:انظر البحر المحيط 6/269.
[26272]:[الأعراف: 148]. وذلك أنّ "أنْ" إذا وقعت بعد علم ونحوه من أفعال اليقين فهي المخففة من الثقيلة واسمها ضمير الشأن، والتقدير: أنه لا يرجع. شرح الأشموني 3/282.
[26273]:قال الزجاج: (والاختيار مع رأيت وعلمت وظننت أن لا يفعل، في معنى: قد علمت أنه لا يفعل) معاني القرآن وإعرابه 3/373.
[26274]:[المائدة: 71].
[26275]:ما بين القوسين سقط من ب.
[26276]:انظر البحر المحيط 6/269.
[26277]:في ب: وجعلوها.
[26278]:في ب: علمية.
[26279]:عند قوله تعالى: {وحسبوا ألا تكون فتنة} [المائدة: 71].
[26280]:ما بين القوسين سقط من ب.
[26281]:في معجم البلدان: سامرة قرية بين مكة والمدينة. (سمر).
[26282]:نقل ابن عادل هذا الفصل عن الفخر الرازي 22/104 – 105.
[26283]:[الأعراف: 148].
[26284]:ذم: سقط من ب.
[26285]:[الأنبياء: 63].
[26286]:في ب: واحدة. وهو تحريف.
[26287]:في ب: الشروط. وهو تحريف.
[26288]:في ب: فقالوا. وهو تحريف.
[26289]:ماء: سقط من ب.