وقولُه تعالى { أَلاَّ يَسْجُدُواْ للَّهِ } مفعولٌ له إمَّا للصدِّ أو للتزيينِ على حذفِ اللامِ منه أي فصدَّهم لأنْ لا يسجدوا له تعالى أو زيَّن لهم أعمالَهم لأنْ لا يسجدوا أو بدلٌ على حالِه من أعمالَهم ، وما بينهما اعتراضٌ أي زيَّن لهم أنْ لا يسجدوا وقيل : هو في موقع المفعولِ ليهتدون بإسقاطِ الخافضِ ، ولا مزيدةٌ كما في قولِه تعالى : { لّئَلاَّ يَعْلَمَ أَهْلُ الكتاب } [ سورة الحديد ، الآية29 ] والمعنى فهم لا يهتدون إلى أنْ يسجدوا له تعالى . وقرئ أَلاَ يَا اسجدُوا ، على التنبيهِ والنداءِ ، والمُنادى محذوفٌ ، أيْ أَلاَ يا قومُ اسجدُوا كما في قولِه : [ البسيط ]
أَلاَ يا اسلَمي يا دارَ مَي عَلَى البِلَى{[614]}*** [ ولا زال منهلا بجرعائك القطر ]
ونظائِره . وعلى هذا يحتملُ أنُ يكونَ استئنافاً من جهة الله عزَّ وجلَّ أو من سليمانَ عليه السَّلام ويُوقف على لا يهتدونَ ويكون أمراً بالسجودِ ، على الوجوهِ المتقدمةِ ذمَّاً على تركِه وأيَّا ما كان فالسجودُ واجبٌ . وقرئ هَلاّ وهَلاَ بقلبِ الهمزتينِ هاءً . وقرئ هَلاَّ تسجدون بمعنى ألا تسجدونَ على الخطاب .
{ الذي يُخْرِجُ الخبء فِي السموات والأرض } أيْ يظهرُ ما هو مخبوءٌ مخفيٌّ فيهما كائناً ما كان ، وتخصيصُ هذا الوصفِ بالذكرِ بصددِ بيانِ تفرُّده تعالى باستحقاق السُّجودِ له من بين سائرِ أوصافِه الموجبةِ لذلك لما أنَّه أرسخُ في معرفتِه والإحاطةِ بأحكامه بمشاهدة آثارهِ التي من جُملتها ما أودعَه الله تعالى في نفسه من مقدرةٍ على معرفةِ الماءِ تحتَ الأرضِ . وأشارَ بعطفِ قولِه { وَيَعْلَمُ مَا تُخْفُونَ وَمَا تُعْلِنُونَ } على يخرجُ إلى أنَّه تعالى يخرجُ ما في العالمِ الإنسانيِّ من الخَفَايَا كما يخرجُ ما في العالم الكبير من الخَبَايَا لِما أنَّ المرادَ يظهرُ ما تُخفونَهُ من الأحوال فيجازيكُم بها ، وذكرُ ما تُعلنون لتوسيع دائرةِ العلمِ وللتنبيهِ على تساويهما بالنسبة إلى العلمِ الإلهيِّ . وقرئ ما يُخفون وما يُعلنون على صيغةِ الغَيبةِ بلا التفاتٍ . وإخراجُ الخبءِ يعمُّ إشراقَ الكواكبِ وإظهارَها من آفاقِها بعد استنارتِها وراءها وإنزالَ الأمطارِ وإنباتَ النباتِ . بل الإنشاءَ الذي هو إخراجُ ما في الشيء بالقوَّةِ إلى الفعلِ والإبداعَ الذي هو إخراجُ ما في الإمكان والعدمِ إلى الوجود وغيرَ ذلك من غيوبِه عزَّ وجلَّ . وقرئ الخَبَ بتخفيف الهمزةِ بالحذفِ . وقرئ الخَبَا بتخفيفها بالقلبِ . وقرئ : { ألا تسجدون لله الذي يخرج الخبء من السماء والأرض ويعلم سركم وما تعلنون } [ سورة النمل ، الآية25 ] .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.