إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{يَٰبُنَيَّ إِنَّهَآ إِن تَكُ مِثۡقَالَ حَبَّةٖ مِّنۡ خَرۡدَلٖ فَتَكُن فِي صَخۡرَةٍ أَوۡ فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ أَوۡ فِي ٱلۡأَرۡضِ يَأۡتِ بِهَا ٱللَّهُۚ إِنَّ ٱللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٞ} (16)

وقولُه تعالى { يَا بنِي } الخ شروعٌ في حكايةِ بقيةِ وصايا لقمانَ إثرَ تقريرِ ما في مطلعِها من النَّهيِ عن الشِّركِ وتأكيدهِ بالاعتراضِ { إِنَّهَا إِن تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مّنْ خَرْدَلٍ } أي إنَّ الخصلةَ من الإساءةِ أو الإحسانِ إنْ تكُ مثلاً في الصِّغرِ كحَّبةِ الخردلِ ، وقرئ برفعِ مثقال على أنَّ الضَّميرَ للقصَّةِ وكانَ تامَّةٌ . والتّأنيثُ لإضافةِ المثقالِ إلى الحبَّةِ كما في قولِ مَن قالَ :[ الطويل ]

[ وتشرق بالقول الذي قد أذعته ] *** كَما شرِقتْ صدرُ القناةِ من الدَّمِ{[652]}

أو لأنَّ المرادَ به الحسنةُ أو السيِّئةُ { فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السموات أَوْ فِي الأرض } أي فتكُن مع كونِها في أقصى غاياتِ الصِّغرِ والقَماءةِ في أخفى مكانٍ وأحرزه كجوفِ الصَّخرةِ أو حيثُ كانتْ في العالمِ العُلويِّ أو السُّفليِّ { يَأْتِ بِهَا الله } أي يُحضرها ويُحاسبُ عليها { إِنَّ الله لَطِيفٌ } يصلُ علمُه إلى كلِّ حفيَ { خَبِيرٌ } بكُنهِه


[652]:وهو للأعشى في ديوانه (ص173) والأشباه والنظائر (5/255)؛ وخزانة الأدب (5/106)؛ والدرر (5/19)؛ ولسان العرب (4/446) (صدر)، (10/178) (شرق) والمقاصد النحوية (3/378) وبلا نسبة في الأشباه والنظائر (2/105) ومغني اللبيب (2/513).