فتح الرحمن في تفسير القرآن لتعيلب - تعيلب  
{۞وَمَن يُهَاجِرۡ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ يَجِدۡ فِي ٱلۡأَرۡضِ مُرَٰغَمٗا كَثِيرٗا وَسَعَةٗۚ وَمَن يَخۡرُجۡ مِنۢ بَيۡتِهِۦ مُهَاجِرًا إِلَى ٱللَّهِ وَرَسُولِهِۦ ثُمَّ يُدۡرِكۡهُ ٱلۡمَوۡتُ فَقَدۡ وَقَعَ أَجۡرُهُۥ عَلَى ٱللَّهِۗ وَكَانَ ٱللَّهُ غَفُورٗا رَّحِيمٗا} (100)

{ ومن يهاجر في سبيل الله يجد في الأرض مراغما كثيرا وسعة } يبشر الله في كتابه الحق بأن الذي يترك دياره التي تصده عن دين ربنا القويم ، ليلحق بدار حق ونصرة سينزله الله منزلا كريما ، يغيظ به أهل الغي والبغي ، ويفسح له في العيش والرزق ، ( . . ومن يتق الله يجعل له من أمره يسرا ) ( {[1507]} ) ( . . ومن يتق الله يجعل له مخرجا . ويرزقه من حيث لا يحتسب ومن يتوكل على الله فهو حسبه . . ) ( {[1508]} ) ؛ { ومن يخرج من بيته مهاجرا إلى الله ورسوله ثم يدركه الموت فقد وقع أجره على الله } وبشرى للذي يشرع في الهجرة( {[1509]} ) ابتغاء نصرة الدين بأنه مأجور ، وإن عاجلته المنية في طريقه قبل بلوغه مهجره ؛ نقل عن عكرمة قال : طلبت اسم هذا الرجل أربع عشرة سنة حتى وجدته( {[1510]} ) ؛ والذي ذكره عكرمة هو ضمرة بن العيص ؛ { وكان الله غفورا رحيما }- ولم يزل الله تعالى ذكره غفورا يعني ساترا ذنوب عباده المؤمنين بالعفو لهم عن العقوبة عليها ، رحيما بهم رفيقا-( {[1511]} ) .


[1507]:سورة الطلاق.من الآية 4.
[1508]:سورة الطلاق. من الآية 2 ومن الآية 3.
[1509]:قسم العلماء رضي الله عنهم الذهاب في الأرض قسمين: هربا وطلبا، فالأول ينقسم إلى ستة أقسام: الخروج من دار الحرب إلى دار الإسلام، الخروج من أرض البدعة، الخروج من أرض غلب عليها الحرام، الفرار من الأذية في البدن، خوف المرض في البلاد الوخمة، الفرار الأذية في المال؛ وقسم الطلب ينقسم إلى قسمين: طلب الدين كالعمرة والحج والجهاد والمعاش وسفر التجارة والكسب الزائد على القوت، وطلب العلم، وقصد البقاع، والثغور للرباط بها، وزيارة الإخوان في الله تعالى، فهذه خمسة عشر قسما من أقسام الذهاب في الأرض ستة أقسان منها في الهرب، وتسعة في الطلب، وقد كتب فيها القاضي أبو بكر بن العربي بحثا وافيا مبينا فيه حكم كل منها، وهي إما واجبة أو منبوذة، ونقل هذا عن ابن العربي والقرطبي.
[1510]:يقول القرطبي- رحمه الله-: وفي قول عكرمة هذا دليل على شرف هذا اعلم قديما، وأن الاعتناء به حسن والمعرفة به فضل؛ أقول: ومنه قول ابن عباس؛ مكثت سنين أريد أن أسأل عمر عن المرأتين اللتين تظاهرتا على رسول الله صلى الله عليه وسلم، ما يمنعني إلا مهابته. ا هـ.
[1511]:هو من جامع البيان لأبي جعفر محمد بن جرير الطبري.