وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم من طريق علي عن ابن عباس في قوله { مراغما كثيرة وسعة } قال : المراغم التحول من أرض إلى أرض . والسعة الرزق .
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد { مراغما } قال : متزحزحا عما يكره .
وأخرج الطستي في مسائله عن ابن عباس . أن نافع بن الأزرق سأله عن قوله { مراغما } قال : منفسحا بلغة هذيل . قال : وهل تعرف العرب ذلك ؟ قال : نعم ، أما سمعت قول الشاعر :
واترك أرض جهرة إن عندي *** رجاء في المراغم والتعادي
وأخرج ابن جرير عن ابن زيد قال : المراغم المهاجر .
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن السدي { مراغما } قال : مبتغى للمعيشة .
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي صخر مراغما قال منفسحا .
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن قتادة { يجد في الأرض مراغما كثيرا وسعة } قال : متحولا من الضلالة إلى الهدى ، ومن العيلة إلى الغنى .
وأخرج ابن أبي حاتم عن عطاء في قوله { وسعة } قال : ورخاء .
وأخرج عن ابن القاسم قال : سئل مالك عن قول الله { وسعة } ؟ ! قال : سعة البلاء .
وأخرج أبو يعلى وابن أبي حاتم والطبراني بسند رجاله ثقات عن ابن عباس قال : خرج ضمرة بن جندب من بيته مهاجرا فقال لأهله : احملوني فأخرجوني من أرض المشركين إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فمات في الطريق قبل أن يصل إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، فنزل الوحي { ومن يخرج من بيته مهاجرا إلى الله } الآية .
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم من وجه آخر عن ابن عباس قال : كان بمكة رجل يقال له ضمرة من بني بكر ، وكان مريضا فقال لأهله : أخرجوني من مكة فإني أجد الحر . فقالوا أين نخرجك ؟ فأشار بيده نحو طريق المدينة ، فخرجوا به فمات على ميلين من مكة ، فنزلت هذه الآية { ومن يخرج من بيته مهاجرا إلى الله ورسوله ثم يدركه الموت } .
وأخرج أبو حاتم السجستاني في كتاب المعمرين عن عامر الشعبي قال : سألت ابن عباس عن قوله تعالى { ومن يخرج من بيته مهاجرا . . . } الآية . قال : نزلت في أكثم بن صيفي قلت : فأين الليثي ؟ قال : هذا قبل الليثي بزمان ، وهي خاصة عامة .
وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن جرير والبيهقي في سننه عن سعيد بن جبير . أن رجلا من خزاعة كان بمكة فمرض ، وهو ضمرة بن العيص ، أو العيص بن ضمرة بن زنباع ، فلما أمروا بالهجرة كان مريضا ، فأمر أهله أن يفرشوا له على سريره ، ففرشوا له وحملوه وانطلقوا به متوجها إلى المدينة ، فلما كان بالتنعيم مات ، فنزل { ومن يخرج من بيته مهاجرا إلى الله ورسوله ثم يدركه الموت فقد وقع أجره على الله } .
وأخرج ابن أبي حاتم من وجه آخر عن سعيد بن جبير عن أبي ضمرة بن العيص الزرقي الذي كان مصاب البصر وكان بمكة ، فلما نزلت ( إلا المستضعفين من الرجال والنساء والولدان لا يستطيعون حيلة ) ( النساء الآية 97 ) فقال : إنني لغني ، وإني لذو حيلة . فتجهز يريد النبي صلى الله عليه وسلم ، فأدركه الموت بالتنعيم ، فنزلت هذه الآية { ومن يخرج من بيته مهاجرا إلى الله ورسوله } .
وأخرج ابن جرير من وجه آخر عن سعيد بن جبير قال : لما نزلت هذه الآية ( لا يستوي القاعدون من المؤمنين غير أولي الضرر ) ( النساء الآية 96 ) رخص فيها لقوم من المسلمين ممن بمكة من أهل الضرر حتى نزلت فضيلة المجاهدين على القاعدين ، ورخص لأهل الضرر حتى نزلت ( إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم ) إلى قوله ( وساءت مصيرا ) ( النساء الآية 96 ) قالوا : هذه موجبة حتى نزلت ( إلا المستضعفين من الرجال والنساء والولدان لا يستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلا ) ( النساء الآية 98 ) فقال ضمرة بن العيص أحد بني ليث وكان مصاب البصر : إني لذو حيلة لي مال فاحملوني ، فخرج وهو مريض ، فأدركه الموت عند التنعيم ، فدفن عند مسجد التنعيم ، فنزلت فيه هذه الآية { ومن يخرج من بيته مهاجرا إلى الله ورسوله ثم يدركه الموت } الآية .
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة قال لما أنزل الله هؤلاء الآيات ورجل من المؤمنين يقال له ضمرة ، ولفظ عبد سبرة بمكة ، قال : والله إن لي من المال ما يبلغني إلى المدينة وأبعد منها ، وإني لأهتدي إلى المدينة ، فقال لأهله : أخرجوني - وهو مريض يومئذ - فلما جاوز الحرم قبضه الله فمات ، فأنزل الله { ومن يخرج من بيته مهاجرا إلى الله . . . } الآية .
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير من وجه آخر عن قتادة قال : لما نزلت ( إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم ) ( النساء الآية 97 ) قال رجل من المسلمين يومئذ وهو مريض : والله ما لي من عذر ، إني لدليل بالطريق ، وإني لموسر فاحملوني ، فحملوه فأدركه الموت بالطريق ، فنزل فيه { ومن يخرج من بيته مهاجرا إلى الله ورسوله } .
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن عكرمة قال : لما أنزل الله ( إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم ) ( النساء الآية 97 ) الآيتين . قال رجل من بني ضمرة - وكان مريضا - أخرجوني إلى الروح ، فأخرجوه حتى إذا كان بالحصحاص مات ، فنزل فيه { ومن يخرج من بيته مهاجرا إلى الله ورسوله . . . } الآية .
وأخرج ابن جرير عن علباء بن أحمر قوله { ومن يخرج من بيته . . . } الآية . قال : نزلت في رجل من خزاعة .
وأخرج ابن جرير عن السدي قال : لما سمع - هذه يعني ( إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم . . . ) ( النساء الآية 97 ) الآية - ضمرة بن جندب الضمري قال لأهله - وكان وجعا - : أرحلوا راحلتي فإن الأخشبين قد غماني - يعني جبلي مكة - لعلي أن أخرج فيصيبني روح ، فقعد على راحلته ثم توجه نحو المدينة فمات في الطريق ، فأنزل الله { ومن يخرج من بيته مهاجرا } الآية . وأما حين توجه إلى المدينة فإنه قال : اللهم إني مهاجر إليك وإلى رسولك .
وأخرج سنيد وابن جرير عن عكرمة قال : لما نزلت ( إن الذين توفاهم الملائكة . . . ) ( النساء الآية 97 ) الآية . قال ضمرة بن جندب الجندعي : اللهم أبلغت المعذرة والحجة ، ولا معذرة لي ولا حجة . ثم خرج وهو شيخ كبير فمات ببعض الطريق ، فقال أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم : مات قبل أن يهاجر ، فلا ندري أعلى أم لا ؟ فنزلت { ومن يخرج من بيته . . . } الآية .
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن الضحاك قال : لما أنزل الله في الذين قتلوا مع مشركي قريش ببدر ( إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم ) ( النساء الآية 97 ) الآية . سمع بما أنزل الله فيهم رجل من بني ليث كان على دين النبي صلى الله عليه وسلم مقيما بمكة ، وكان ممن عذر الله ، كان شيخا كبيرا ، فقال لأهله : ما أنا ببائت الليلة بمكة . فخرجوا به حتى إذا بلغ التنعيم من طريق المدينة أدركه الموت ، فنزل فيه { ومن يخرج من بيته } الآية .
وأخرج عبد بن حميد عن عكرمة في الآية قال : نزلت في رجل من بني ليث أحد بني جندع .
وأخرج ابن سعد وابن المنذر عن يزيد بن عبد الله بن قسيط ، أن جندع بن ضمرة الجندعي كان بمكة ، فمرض فقال لبنيه : أخرجوني من مكة فقد قتلني غمها . فقالوا إلى أين ؟ فأومأ بيده نحو المدينة يريد الهجرة ؟ فخرجوا به فلما بلغوا اضاة بني غفار مات ، فأنزل الله فيه { ومن يخرج من بيته . . . } الآية .
وأخرج ابن جرير عن ابن زيد قال : هاجر رجل من بني كنانة يريد النبي صلى الله عليه وسلم ، فمات في الطريق ، فسخر به قوم واستهزؤوا به ، وقالوا : لا هو بلغ الذي يريد ولا هو أقام في أهله يقومون عليه ويدفن . فنزل القرآن { ومن يخرج من بيته } الآية .
وأخرج عبد بن حميد عن الحسن قال : خرج رجل من مكة بعد ما أسلم وهو يريد النبي وأصحابه فأدركه الموت في الطريق فمات ، فقالوا : ما أدرك هذا من شيء . فأنزل الله { ومن يخرج من بيته مهاجرا إلى الله ورسوله } الآية .
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق هشام بن عروة عن أبيه أن الزبير بن العوام قال : هاجر خالد بن حزام إلى أرض الحبشة ، فنهشته حية في الطريق فمات ، فنزلت فيه { ومن يخرج من بيته مهاجرا إلى الله ورسوله ثم يدركه الموت فقد وقع أجره على الله وكان الله غفورا رحيما } .
قال الزبير : وكنت أتوقعه وأنتظر قدومه وأنا بأرض الحبشة ، فما أحزنني شيء حزني لوفاته حين بلغني ، لأنه قل أن هاجر أحد من قريش إلا ومعه بعض أهله أو ذي رحمه ، ولم يكن معي أحد من بني أسد بن عبد العزى ، ولا أرجو غيره .
وأخرج ابن سعد عن المغيرة بن عبد الرحمن الخزاعي عن أبيه قال : خرج خالد بن حزام مهاجرا إلى أرض الحبشة في المرة الثانية ، فنهش في الطريق فمات قبل أن يدخل أرض الحبشة ، فنزلت فيه { ومن يخرج من بيته مهاجرا إلى الله ورسوله . . . } الآية .
وأخرج ابن جرير من طريق ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب . أن أهل المدينة يقولون : من خرج فاصلا وجب سهمه ، وتأولوا قوله تعالى { ومن يخرج من بيته مهاجرا إلى الله ورسوله } يعني من مات ممن خرج إلى الغزو بعد انفصاله من منزله قبل أن يشهد الوقعة ، فله سهمه من المغنم .
وأخرج ابن سعد وأحمد والحاكم وصححه عن عبد الله بن عتيك " سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول : من خرج من بيته مجاهدا في سبيل الله - وأين المجاهدون في سبيل الله - فخر عن دابته فمات فقد وقع أجره على الله ، أو لدغته دابة فمات فقد وقع أجره على الله ، أو مات حتف أنفه فقد وقع أجره على الله - يعني بحتف أنفه على فراشه ، والله إنها لكلمة ما سمعتها من أحد من العرب قبل رسول الله صلى الله عليه وسلم - ومن قتل قعصا فقد استوجب الجنة " .
وأخرج أبو يعلى والبيهقي في الشعب عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من خرج حاجا فمات كتب له أجر الحاج إلى يوم القيامة ، ومن خرج معتمرا فمات كتب له أجر المعتمر إلى يوم القيامة ، ومن خرج غازيا في سبيل الله كتب له أجر الغازي إلى يوم القيامة " .