إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{وَلَوۡ أَنَّا كَتَبۡنَا عَلَيۡهِمۡ أَنِ ٱقۡتُلُوٓاْ أَنفُسَكُمۡ أَوِ ٱخۡرُجُواْ مِن دِيَٰرِكُم مَّا فَعَلُوهُ إِلَّا قَلِيلٞ مِّنۡهُمۡۖ وَلَوۡ أَنَّهُمۡ فَعَلُواْ مَا يُوعَظُونَ بِهِۦ لَكَانَ خَيۡرٗا لَّهُمۡ وَأَشَدَّ تَثۡبِيتٗا} (66)

{ وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ أَنِ اقتلوا أَنفُسَكُمْ أَوِ اخرجوا مِن دياركم } أي لو أوجبْنا عليهم مثلَ ما أوجبنا على بني إسرائيلَ من قتلهم أنفسَهم أو خروجهم من ديارهم حين استتابتِهم من عبادة العجلِ ، و { أنٍ } مصدريةٌ أو مفسرةٌ لأنّا كتبنا في معنى أمَرْنا { ما فَعَلُوهُ } أي المكتوبَ المدلولَ عليه بكتبْنا أو أحدِ مصدرَي الفعلين { إِلاَّ قَلِيلٌ مِنْهُمْ } أي إلا أناسٌ قليلٌ منهم وهم المخلِصون من المؤمنين ، وروي عن عمرَ رضي الله عنه أنه قال : والله لو أمَرَنا ربُّنا لفعلْنا والحمدُ لله الذي لم يفعلْ بنا ذلك ، وقيل : معنى اقتُلوا أنفسَكم تعرَّضوا بها للقتل بالجهاد ، وهو بعيدٌ وقرئ إلا قليلاً بالنصب على الاستثناء أو إلا فِعلاً قليلاً { وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ } من متابعة الرسولِ عليه الصلاة والسلام وطاعتِه والانقيادِ لما يراه ويحكمُ به ظاهراً وباطناً ، وسُمِّيت أوامرُ الله تعالى ونواهيه مواعِظَ لاقترانها بالوعد والوعيد { لَكَانَ } أي فعلُهم ذلك { خَيْراً لَهُمْ } عاجلاً وآجلاً { وَأَشَدَّ تَثْبِيتاً } لهم على الإيمان وأبعدَ من الاضطراب فيه وأشدَّ تثبيتاً لثواب أعمالِهم .