إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{وَإِنَّ مِنكُمۡ لَمَن لَّيُبَطِّئَنَّ فَإِنۡ أَصَٰبَتۡكُم مُّصِيبَةٞ قَالَ قَدۡ أَنۡعَمَ ٱللَّهُ عَلَيَّ إِذۡ لَمۡ أَكُن مَّعَهُمۡ شَهِيدٗا} (72)

{ وَإِنَّ مِنْكُمْ لَمَن لَيُبَطّئَنَّ } أي ليتثاقَلَنّ وليتَخَلَّفَنَّ عن الجهاد من بطّأ بمعنى أبطأ كعتّم بمعنى أعتم ، والخطابُ لعسكر رسولِ الله صلى الله عليه وسلم كلِّهم المؤمنين منهم والمنافقين ، والمُبَطِّئون منافقوهم الذين تثاقلوا وتخلّفوا عن الجهاد ، أو ليبطِّئن غيرَه ويُثَبِّطَنه ، مِنْ بطَّأ منقولاً من بطُؤ كثقّل من ثقُل كما بطّأ ابنُ أُبيّ ناساً يوم أُحُد . والأولُ أنسبُ لما بعده واللامُ الأولى للابتداء دخلت على اسم إنّ للفصل بالخبر ، والثانيةُ جوابُ قسمٍ محذوفٍ والقسمُ بجوابه صلةُ مَنْ والراجعُ إليه ما استكنّ في ليبطِّئنَّ ، والتقديرُ وإن منكم لمَنْ -أُقسم بالله- ليبطِّئن { فَإِنْ أصابتكم مُصِيبَةٌ } كقتل وهزيمة { قَالَ } أي المُبَطِّىءُ فرحاً بصنعه وحامداً لرأيه { قَدْ أَنْعَمَ الله عَلَىَّ } أي بالقعود { إِذْ لَمْ أَكُنْ مَعَهُمْ شَهِيداً } أي حاضراً في المعركة فيصيبني ما أصابهم والفاءُ في الشرطية لترتيب مضمونِها على ما قبلها ، فإن ذِكرَ التبطئةِ مستتبعٌ لذكر ما يترتب عليها كما أن نفسَ التبطئةِ مستدعِيةٌ لشيء ينتظر المُبطىءُ وقوعَه .