إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{وَجَزَـٰٓؤُاْ سَيِّئَةٖ سَيِّئَةٞ مِّثۡلُهَاۖ فَمَنۡ عَفَا وَأَصۡلَحَ فَأَجۡرُهُۥ عَلَى ٱللَّهِۚ إِنَّهُۥ لَا يُحِبُّ ٱلظَّـٰلِمِينَ} (40)

وقولُه تعالَى : { وَجَزَاء سَيّئَةٍ سَيّئَةٌ مثْلُهَا } بيانٌ لوجهِ كونِ الانتصارِ من الخصالِ الحميدةِ مع كونِه في نفسِه إساءةً إلى الغيرِ ، بالإشارةِ إلى أنَّ البادئ هُو الذي فعلَهُ لنفسهِ ، فإنَّ الأفعالَ مستتبعةٌ لأجزيتِها حَتماً إنْ خيراً فخيرٌ وإنْ شراً فشرٌّ ، وفيه تنبيهٌ على حُرْمةِ التعدِّي ، وإطلاقُ السيئةِ على الثانيةِ لأنَّها تسوءُ مَنْ نزلتْ بهِ { فَمَنْ عَفَا } عنِ المسيءِ إليهِ { وَأَصْلَحَ } بينَهُ وبينَ مَنْ يعاديهِ بالعفوِ والإغضاءِ كَما في قولِه تعالى : { فَإِذَا الذي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِىٌّ حَمِيمٌ }[ سورة فصلت ، الآية 34 ] { فَأَجْرُهُ عَلَى الله } عِدَةٌ مُبهمةٌ منبئةٌ عن عظمِ شأنِ الموعودِ وخُروجِه عن الحدِّ المعهودِ . { إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الظالمين } البادئينَ بالسيئةِ والمتعدِّينَ في الانتقامِ .