إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{لِتَسۡتَوُۥاْ عَلَىٰ ظُهُورِهِۦ ثُمَّ تَذۡكُرُواْ نِعۡمَةَ رَبِّكُمۡ إِذَا ٱسۡتَوَيۡتُمۡ عَلَيۡهِ وَتَقُولُواْ سُبۡحَٰنَ ٱلَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَٰذَا وَمَا كُنَّا لَهُۥ مُقۡرِنِينَ} (13)

{ لِتَسْتَوُوا على ظُهُورِهِ } أي لتستعلُوا على ظهورِ ما تركبونَهُ من الفُلكِ والأنعامِ ، والجمعُ باعتبارِ المَعْنى { ثُمَّ تَذْكُرُوا نِعْمَةَ رَبكُمْ إِذَا استويتم عَلَيْهِ } أي تذكرُوها بقلوبِكم معترفينَ بها مستعظمينَ لها ، ثم تحمَدوا عليها بألسنتِكم . { وَتَقُولُوا سبحان الذي سَخَّرَ لَنَا هذا } مُتعجِّبينَ من ذلكَ ، كمَا يُروي عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم أنه كانَ إذا وضعَ رجلَهُ في الركابِ قال : «بسم الله فإذَا استوَى على الدابةِ قال الحمدُ لله على كلِّ حالٍ سُبحانَ الذي سخَّرَ لنا هَذا إلى قولِه تعالى { لمنقلبونَ }{[716]} وكبَّر ثلاثاً وهللَّ ثلاثاً » { وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ } أي مُطيقينَ من أقرنَ الشيءَ إذا أطاقَهُ وأصلُه وجدُه قرينتَه لأن الصعْبَ لا يكونُ قرينةً للضعيفِ . وقُرئ بالتشديدِ ، والمَعْنى واحدٌ . وهذا من تمامِ ذكرِ نعمتِه تعالى إذ بدونِ اعترافِ المنعمِ عليه بالعجزِ عن تحصيلِ النعمةِ ، لا يعرفُ قدرَها ولا حق المنعمِ بها .


[716]:أخرجه أبو داود في كتاب الجهاد باب (72، 74) والترمذي في كتاب الدعوات باب (46).