تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{ثُمَّ رُدُّوٓاْ إِلَى ٱللَّهِ مَوۡلَىٰهُمُ ٱلۡحَقِّۚ أَلَا لَهُ ٱلۡحُكۡمُ وَهُوَ أَسۡرَعُ ٱلۡحَٰسِبِينَ} (62)

الآية 62 وقوله تعالى : { ثم ردوا إلى الله مولاهم الحق } ذكر الرد إلى الله ، وأنه مولاهم الحق ، وإن كانوا في الأحوال كلها مردودين إلى الله ، وكان مولاهم الحق في الدنيا والآخرة . وكذلك قوله تعالى : { وبرزوا لله جميعا } [ إبراهيم : 21 ] وكذلك قوله : { لمن الملك اليوم لله } [ غافر : 16 ] كان الملك له في الدنيا والآخرة ، وكانوا بارزين له جميعا في الأوقات كلها لما كانوا أصحاب الشكوك ، فارتفع ذلك عنهم ، وخلص بروزهم وردهم إلى الله خالصا لا شك فيه ، وكذلك كان الملك في الدنيا والآخرة [ وفي الأيام ]{[7188]} كلها ، لكن نازعه{[7189]} غيره في الملك في الدنيا ، ولا أحد ينازعه في ذلك اليوم في الملك { لمن الملك اليوم لله الواحد القهار } [ غافر : 16 ] .

وعلى ذلك قوله تعالى : { إلى الله مولاهم الحق } كان مولاهم الحق في الأوقات كلها والأحوال . ولكن عند ذلك يظهر لهم أنه كان مولاهم الحق . وقوله تعالى : { ثم ردوا إلى الله مولاهم الحق } يحتمل ردوا إلى ما وعدلهم ، وأوعد .

وقوله تعالى : { ألا له الحكم } يحتمل قوله { ألا له الحكم } في تأخير الموت والحياة في تأخير الموت والحياة وقبض الأرواح وتوفي الأنفس . ويحتمل قوله : { له الحكم } في التعذيب في النار والثواب والعقاب ، ليس يدفع ذلك عنهم دافع سواه ، ولا ينازعه أحد في الحكم .

[ وقوله تعالى ]{[7190]} : { وهو أسرع الحاسبين } [ روي عن الحسن أنه ]{[7191]} قال : هو سريع العقاب لأنه إنما يحاسب ليعذب لما روي [ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال ]{[7192]} : ( من نوقش الحساب عذب ) [ البخاري : 6536 ] ، { وهو أسرع الحاسبين } لأنه لا يحاسب عن حفظ ولا تفكر ، ولا يشغله شيء ، وأما غيره فإنما يحاسب عن حفظ وتفكر وعن شغل ، فهو أسرع الحاسبين ، ولا يشغله شيء .


[7188]:- في الأصل: وهي الأمر، في م: وهي الأيام.
[7189]:- في الأصل وم: نازع.
[7190]:- ساقطة من الأصل وم.
[7191]:- في الأصل وم: عن الحسن.
[7192]:- ساقطة من الأصل وم.