إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{خُذِ ٱلۡعَفۡوَ وَأۡمُرۡ بِٱلۡعُرۡفِ وَأَعۡرِضۡ عَنِ ٱلۡجَٰهِلِينَ} (199)

{ خُذِ العفو } بعد ما عُدّ من أباطيلِ المشركين وقبائحِهم ما لا يطاق تحمُّله أُمر عليه الصلاة والسلام بمجامع مكارمِ الأخلاق التي من جملتها الإغضاءُ عنهم ، أي خذْ ما عفا لك من أفعال الناسِ وتسهل ولا تكلِّفْهم ما يشُقُّ عليهم ، من العفو الذي هو ضدُّ الجَهدِ ، أو خذ العفوَ من المذنبين أو الفضلَ من صدقاتهم وذلك قبل وجوبِ الزكاة { وَأْمُرْ بالعرف } بالجميل المستحسَن من الأفعال فإنها قريبةٌ من قَبول الناس من غير نكير { وَأَعْرِض عَنِ الجاهلين } من غير مماراةٍ ولا مكافأة ، قيل : ( لما نزلت سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم جبريلَ عليه السلام فقال : لا أدري حتى أسأل ثم رجع فقال : يا محمدُ إن ربك أمرك أن تصِل مَنْ قطعك وتعطيَ من حَرَمك وتعفو عمّن ظلمك ) وعن جعفرٍ الصادقِ : أمر الله تعالى نبيَّه صلى الله عليه وسلم بمكارم الأخلاق ،