النكت و العيون للماوردي - الماوردي  
{خُذِ ٱلۡعَفۡوَ وَأۡمُرۡ بِٱلۡعُرۡفِ وَأَعۡرِضۡ عَنِ ٱلۡجَٰهِلِينَ} (199)

قوله عز وجل : { خُذِ الْعَفْوَ } فيه ثلاثة أقاويل :

أحدها : العفو من أخلاق الناس وأعمالهم ، قاله ابن الزبير والحسن ومجاهد .

الثاني : خذ العفو من أموال المسلمين ، وهذا قبل فرض الزكاة ثم نسخ بها ، قاله الضحاك والسدي وأحد قولي ابن عباس .

والثالث : خذ العفو من المشركين ، وهذا قبل فرض الجهاد ، قاله ابن زيد .

{ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ } فيه قولان :

أحدهما : معناه بالمعروف ، قاله عروة وقتادة .

والثاني : ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لجبريل حين نزلت عليه هذه الآية { خُذِ الْعَفْوَ وَأَْمُرْ بِالْعُرْفِ } : " يَا جِبْرِيلُ مَا هَذَا " قال : لا أدري أسأل العالم ، قال " ثُمَّ عَادَ جِبْرِيلُ فَقَالَ " " يا محمد إن ربك يأمرك أن تصل من قطعك وتعطي من حرمك ، وتعفو عمَّن ظلمك " قاله ابن زيد .

{ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ } فإن قيل فكيف أمر بالإعراض مع وجوب الإنكار عليهم ؟

قيل : إنما أراد الإعراض عن السفهاء استهانة بهم . وهذا وإن كان خطاباً لنبيِّه عليه السلام فهو تأديب لجميع خلقه .