إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{وَمِنۡهُم مَّن يَلۡمِزُكَ فِي ٱلصَّدَقَٰتِ فَإِنۡ أُعۡطُواْ مِنۡهَا رَضُواْ وَإِن لَّمۡ يُعۡطَوۡاْ مِنۡهَآ إِذَا هُمۡ يَسۡخَطُونَ} (58)

{ وَمِنْهُمْ من يَلْمِزُكَ } بكسر الميم وقرىء بضمها أي يَعيبُك سراً وقرىء يُلمِّزك ويلامزُك مبالغة { فِي الصدقات } أي في شأنها وقسمتها { فَإِنْ أُعْطُواْ مِنْهَا } بيانٌ لفسادِ لمزِهم وأنه لا منشأ له سوى حرصِهم على حطام الدنيا أي إن أُعطوا منها قدرَ ما يريدون { رَضُواْ } بما وقع من القسمة واستحسنوها { وَإِن لمْ يُعْطَوْاْ مِنهَا } ذلك المقدارَ { إِذَا هُمْ يَسْخَطُونَ } أي يفاجِئون بالسُخط ، وإذا نائبٌ منابَ فاءِ الجزاء . قيل : نزلت الآية في أبي الجوّاظِ المنافقِ حيث قال : ألا تَروْن إلى صاحبكم ، يقسِم صدقاتِكم في رعاة الغنم ويزعُم أنه يعدل . وقيل : في ابن ذي الخُويصِرَةِ واسمُه حُرقوصُ بنُ زهير التميمي رأسُ الخوارج كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقسمُ غنائمَ حُنينٍ فاستعطف قلوبَ أهلِ مكةَ بتوفير الغنائم عليهم فقال : اعدِلْ يا رسول الله فقال عليه الصلاة السلام : « ويلك إن لم أعدِلْ فمن يعدِلُ ؟ » وقيل : هم المؤلفةُ قلوبُهم والأولُ هو الأظهر .