قوله تعالى : { وَمِنْهُمْ مَّن يَلْمِزُكَ فِي الصدقات } الآية .
قرأ العامة " يَلْمِزُكَ " بكسر الميم ، من : لَمَزه يَلْمِزه ، أي . عابه ، وأصله : الإشارة بالعين ونحوها .
قال الأزهري{[17900]} أصله : الدفع ، لَمَزتُهُ دفعته وقال الليث هو الغمز في الوجه ومنه : هُمزةٌ لُمَزَة . أي : كثيرُ هذين الفعلين . وقال أبو بكر الأصم " اللَّمز : أن يشير إلى صاحبه بعيب جليسه . والهمز : أن يكسر عينه على جليسه إلى صاحبه " . وقرأ يعقوب{[17901]} ، وحماد بن سلمة عن ابن كثير ، والحسن ، وأبو رجاء ، ورويت عن أبي عمرو بضمها ، وهما لغتان في المضارع . وقرأ الأعمش{[17902]} " يُلْمِزُكَ " مِنْ " الْمَز " رباعياً . وروى حماد بن سلمة " يُلامِزُكَ " على المفاعلة من واحدٍ ، ك : سافرَ ، وعاقب .
هذا شرح نوع آخر من طباعهم وأفعالهم ، وهو طعنهم في الرسول بسبب أخذ الصدقات ، ونزلت في ذي الخويصرة التميمي ، واسمه : حرقوص بن زهير ، أصل الخوارج .
قال أبو سعيد الخدري بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم يقسم مالاً إذ جاءه ذو الخويصرة التميمي ، وقال : يا رسول الله اعدل ، فقال : " ويلك من يعدل إذا لم أعدل ؟ " فنزلت هذه الآية{[17903]} .
وقال الكلبي : قال رجل من المنافقين ويقال له : أبو الجواظ لرسول الله صلى الله عليه وسلم : أتزعم بأن الله أمرك بأن تضع صدقات في الفقراء والسماكين ، فلم تضعها في رعاة الشاء ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا أبا لك ، فإنما كان موسى راعياً وإنما كان داود راعياً " ، فأنزل الله تعالى هذه الآية ، فلما ذهب قال عليه السلام : " احذروا هذا وأصحابه ، فإنهم منافقون " {[17904]} .
وروى أبو بكر الأصم في تفسيره أنه عليه السلام قال لرجل من أصحابه : " ما علمك بفلان ؟ " قال ما لي به علم إلا أنك تدينه في المجلس وتجزل له العطاء ، فقال عليه السلام : " إنه منافق أداريه عن نفاقه ، وأخاف أن يفسد عليّ غيره ، فقال : لو أعطيت فلانا بعض ما تعطيه ؟ فقال عليه السلام : إنه مؤمن أكله إلى إيمانه ، وإنام هذا منافق أداريه إفساده " .
قال ابن عباس " يلمزك " : يغتابك ، وقال قتادة : يطعن عليك{[17905]} ، وقال الكلبي : يعيبك في أمرٍ ما ، قال أبو علي الفارسي : هنا محذوف والتقدير : يعيبك في تفريق الصدقات فإن أعطوا كثيراً فرحوا ، وإن أعطوا قليلاً فإذا هم يسخطون . وقد تقدم الكلام على " إذا " الفجائية ، والعامل فيها . قال أبو البقاء : " يسخطون " لأنه قال : إنها ظرف مكان ، وفيه نظر تقدم نظيره .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.