فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{وَمِنۡهُم مَّن يَلۡمِزُكَ فِي ٱلصَّدَقَٰتِ فَإِنۡ أُعۡطُواْ مِنۡهَا رَضُواْ وَإِن لَّمۡ يُعۡطَوۡاْ مِنۡهَآ إِذَا هُمۡ يَسۡخَطُونَ} (58)

قوله : { وَمِنْهُمْ مَّن يَلْمِزُكَ } هذا ذكر نوع آخر [ من ]قبائحهم ، يقال : يلمزه : إذا عابه . قال الجوهري : اللمز : العيب ، وأصله الإشارة بالعين ونحوه ، وقد لمزه يلمزه ويلمزه ، ورجل لماز ، ولمزة : أي عياب . قال الزجاج : لمزت الرجل ألِمزه وأُلمزه ، بكسر الميم وضمها : إذا عبته ، وكذا همزته . ومعنى الآية : ومن المنافقين من يعيبك في الصدقات ، أي في تفريقها وقسمتها . وروى عن مجاهد أنه قال : معنى { يَلْمِزُكَ } : يرزؤك ويسألك ، والقول عند أهل اللغة هو الأوّل ، كما قال النحاس . وقرئ يلمزك بضم الميم ، ويلمزك بكسرها مع التشديد . وقرأ الجمهور بكسرها مخففة { فَإِنْ أُعْطُواْ مِنْهَا } أي : من الصدقات بقدر ما يريدون { رَضُواْ } بما وقع من رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يعيبوه ، وذلك لأنه لا مقصد لهم إلا حطام الدنيا ، وليسوا من الدين في شيء { وَإِن لَّمْ يُعْطَوْاْ مِنهَا } أي : من الصدقات ما يريدونه ويطلبونه { إِذَا هُمْ يَسْخَطُونَ } أي : وإن لم يعطوا فاجئوا السخط ، وفائدة إذا الفجائية : أن الشرط مفاجئ للجزاء وهاجم عليه . وقد نابت إذا الفجائية مناب فاء الجزاء .

/خ60