فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{وَمِنۡهُم مَّن يَلۡمِزُكَ فِي ٱلصَّدَقَٰتِ فَإِنۡ أُعۡطُواْ مِنۡهَا رَضُواْ وَإِن لَّمۡ يُعۡطَوۡاْ مِنۡهَآ إِذَا هُمۡ يَسۡخَطُونَ} (58)

{ ومنهم من يلمزك } هذا ذكر نوع آخر من قبائحهم ، واللمز بمعنى العيب كما قال النحاس والجوهري يقال : لمزه يلمزه إذا عابه ، وأصله الإشارة بالعين ونحوها ، ورجل لماز ولمزة أي عياب فهو أخص من الغمز إذ هو الإشارة بالعين ونحوها ، سواء كان على وجه الاستنقاص أو لا ، وأما اللمز فهو خاص بكونه على وجه العيب .

وقال الزجاج : لمزت الرجل ألمزه بكسر الميم وضمها إذا عبته وكذا همزته وروي عن مجاهد أنه قال : معنى يلمزك يرزؤك ويسألك ، والقول عند أهل اللغة هو الأول .

وقال الأزهري : أصله الدفع ، يقال لمزته أي دفعته ، وقال الليث هو الغمز في الوجه ، ومنه همزة لمزة أي كثير هذين الفعلين ، وقرئ يلمزك بكسر العين مع الشديد وضمها وهما لغتان في المضارع .

ومعنى الآية ومن المنافقين من يعيبك { في الصدقات } أي الزكوات أو الغنائم وتفريقها وقسمتها .

{ فإن أعطوا منها } أي من الصدقات بقدر ما يريدون { رضوا } بما وقع من رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يعيبوه ، وذلك لأنه لا مقصد لهم إلا حطام الدنيا وليسوا من الدين في شيء { وإن لم يعطوا منها } ما يريدونه ويطلبونه { إذا هم يسخطون } أي فاجئوا السخط ، وفائدة إذا الفجائية أن الشرط مفاجئ للجزاء وهاجم عليه .