{ الْمَالُ وَالْبَنُونَ } التي يفخر بها عيينة وأصحابه من الأشراف والأغنياء { زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا } ، وليست من زاد القبر ولا من عُدد الآخرة ، { وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ } التي يعملها سلمان وأصحابه من الموالي والفقراء { خَيْرٌ عِندَ رَبِّكَ ثَوَاباً وَخَيْرٌ أَمَلاً } أي خير ما يأمله الإنسان . واختلفوا في { وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ } ما هي ؛ قال ابن عباس وعكرمة ومجاهد والضحّاك : هي قول العبد : ( سبحان الله والحمد لله ولا إله إلاّ الله والله أكبر ) . يدل عليه ما روى مسلم بن إبراهيم عن أبي هلال عن قتادة أن النبّي صلى الله عليه وسلم أخذ غصناً فحركه حتى سقط ورقه ، وقال : " إن المسلم إذا قال : سبحان الله والحمد لله ولا إله إلاّ الله والله أكبر ، تحاتّت عنه الذنوب . خذهن إليك أبا الدرداء قبل أن يحال بينك وبينهن ؛ فهنّ من كنوز الجنّة وصفايا الكلام ، وهنّ الباقيات الصالحات " .
وقال عثمان ( رضي الله عنه ) وابن عمر وسعيد بن المسيب وعطاء بن أبي رباح : هي ( سبحان الله والحمد لله ولا إله إلاّ الله والله أكبر ، ولا حول ، ولا قوة إلاّ بالله العليّ العظيم ) . يدل عليه ( ما ) روى القاسم بن عبد الله العمري ، ومحمد بن عجلان عن عبد الجليل بن حميد عن خالد ابن عمران " أن النبّي صلى الله عليه وسلم خرح على قومه ، فقال : «خذوا جُنّتكم » . قالوا : يا رسول الله ، من عدوّ حضر ؟ قال : «بل من النار » . قالوا : وما جنتنا من النار ؟ قال : " الحمد لله وسبحان الله ولا إله إلاّ الله والله أكبر ولا حول ولا قوة إلاّ بالله العلي العظيم ؛ فإنهن يأتين يوم القيامة مقدّمات مجنِّبات ومعقِّبات ، وهنّ الباقيات الصالحات " " .
وعن أبي سعيد الخدري " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " استكثروا من الباقيات الصالحات " . فقيل : وما هنّ يا رسول الله ؟ قال : «الملّة » . قال : وما هي ؟ قال : " التكبير ، والتهليل ، والتسبيح ، ولا حول ولا قوّة إلاّ بالله " " .
وقال عبد الله بن عبد الرحمن مولى سالم بن عبد الله : أرسلني سالم إلى محمد بن كعب القرظي فقال : قل له : القني عند زاوية القبر ؛ فإن لي إليك حاجة . قال : فالتقيا ، فسلّم أحدهما على الآخر ، ثمّ قال سالم : ما تعدّ الباقيات ؟ فقال : لا إله إلاّ الله ، والحمد لله ، وسبحان الله ، والله أكبر ، ولا حول ولا قوة إلاّ بالله . فقال له سالم : متى جعلت : ولا حول ولا قوّة إلاّ بالله ؟ قال : ما زلت أجعله فيها . قال فراجعه مرتين وثلاثاً فلم ينزع ، فقال سالم : أجّل . فأتيت أبا أيّوب الأنصاري فحدّث أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " عُرج بي إلى السماء فأُريت إبراهيم ( عليه السلام ) فقال : يا جبرئيل ، من هذا معك ؟ فقال : محمد . فرحّب بي وسهّل ، ثمّ قال : مر أُمّتك فليكثروا من غراس الجنّة ، فإن تربتها طيبة ، وإن أرضها واسعة . فقلت وما غراس الجنّة ؟ قال : لا حول ولا قوة إلاّ بالله " .
وقال سعيد بن جبير وعمرو بن شرحبيل ومسروق وإبراهيم : هي الصلوات الخمسة ، وهي
{ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ } [ هود : 114 ] .
وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس : هي الأعمال الصالحة : لا إله إلاّ الله ، وأستغفر الله وصلى الله على محمد ، والصلاة والصوم والحج والصدقة والعتق والجهاد والصّلة وجميع الحسنات التي تبقى لأهلها في الجنّة ما دامت السماوات والأرض .
وروى عطية عن ابن عباس قال : هي الكلام الطيب . وقال عوف : سألت الحسن عن الباقيات الصالحات ، قال : النيّات والهمّات ؛ لأن بها تُقبل الأعمال وترفع . قال قتادة : هي كل ما أُريد به وجه الله . والله أعلم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.