الكشف والبيان في تفسير القرآن للثعلبي - الثعلبي  
{وَٱضۡرِبۡ لَهُم مَّثَلَ ٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَا كَمَآءٍ أَنزَلۡنَٰهُ مِنَ ٱلسَّمَآءِ فَٱخۡتَلَطَ بِهِۦ نَبَاتُ ٱلۡأَرۡضِ فَأَصۡبَحَ هَشِيمٗا تَذۡرُوهُ ٱلرِّيَٰحُۗ وَكَانَ ٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ مُّقۡتَدِرًا} (45)

{ وَاضْرِبْ } يا محمد { لَهُم } : لهؤلاء المتكبرين المترفين الذين سألوا طرد الفقراء المؤمنين { مَّثَلَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَآءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ } ، يعني : المطر . قالت الحكماء : شبّه الله تعالى الدنيا بالماء ؛ لأن الماء لا يستقر في موضع وحال ، كذلك الدنيا لا تبقى لأحد ، ولأن الماء لا يستقيم على حالة واحدة وكذلك الدنيا ، ولأن الماء يفنى كذلك الدنيا تفنى ، ولأن الماء لا يقدر أحد أن يدخله ولا يبتلّ ، فكذلك الدنيا لا يسلم من آفاتها وفتنتها أحد ، ولأن الماء إذا كان بقدر كان نافعاً مبقياً وإذا جاوز الحد المُقدّر كان ضارّاً مهلكاً ، وكذلك الدنيا الكفاف منها ينفع ، وفضولها يضرّ . { فَاخْتَلَطَ بِهِ } : بالماء { نَبَاتُ الأَرْضِ فَأَصْبَحَ } عن قريب { هَشِيماً } ، قال ابن عباس : يابساً . قال الضحّاك : كسيراً . قال الأخفش : متفتّتاً ، وأصله الكسر . { تَذْرُوهُ الرِّياحُ } ، قال ابن عباس : تديره . قال ابن كيسان : تجيء به وتذهب . قال الأخفش : ترفعه . وقال أبو عبيدة : تُفرّقه . القتيبي : تنسفه . وقرأ طلحة بن مصرف : الآية فقال : ذرته الريح تذروه ذرواً ، وتذريه ذرياً وأذرته إذراءً إذا أطارت به ، { وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُّقْتَدِراً } ، قادراً .