الكشف والبيان في تفسير القرآن للثعلبي - الثعلبي  
{فَإِنۡ ءَامَنُواْ بِمِثۡلِ مَآ ءَامَنتُم بِهِۦ فَقَدِ ٱهۡتَدَواْۖ وَّإِن تَوَلَّوۡاْ فَإِنَّمَا هُمۡ فِي شِقَاقٖۖ فَسَيَكۡفِيكَهُمُ ٱللَّهُۚ وَهُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلۡعَلِيمُ} (137)

{ فَإِنْ آمَنُواْ } يعني اليهود النصارى . { بِمِثْلِ مَآ آمَنْتُمْ بِهِ } أي بجميع ما آمنتم كإيمانكم ، وقيل مثل صلة أي بما آمنتم به ، وهكذا كان يقرأها ابن عبّاس ويقول : إقرؤا ( فإن آمنوا بما آمنتم به ) فليس لله مثل ونظيره قوله : و { لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ } [ الشورى : 11 ] : أي كهو . قال الشاعر :

يا عاذلي دعني من عذلكا *** مثلي لا يقبل من مثلكا

أي أنا لا أقبل منك . { فَقَدِ اهْتَدَواْ وَّإِن تَوَلَّوْاْ فَإِنَّمَا هُمْ فِي شِقَاقٍ } قال ابن عبّاس وعطاء والأخفش : في خلاف يقال : شاقّ يشاقّ مشاقّة إذا خالف كانّ كل واحد أخذ في شقّ غير شقّ صاحبه دليله قوله { لاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شِقَاقِي } [ هود : 89 ] أي خلافي وأُنشد :

فكان إليها والّذي إصطاد بكرها *** شقاقاً وبعضهن أو لطم وأهجرا

وقال ابن سلمة والسّدي : في عداوة كان كلّ واحد منهما أخذ في شقّ صاحبه أي في جهده وما يشق عليه من قوله { إِلاَّ بِشِقِّ الأَنفُسِ }

[ النحل : 7 ] دليله قوله : { ذلِكَ بِأَنَّهُمْ شَآقُّواْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ } [ الأنفال : 13 ] أي عادوا الله ورسوله .

قال بشر بن أبي حازم :

وإلاّ فاعلموا انّا وأنتم *** بغاة ما حيينا في شقاق

أي في عداوة .

مقاتل وابو عبيدة : في ضلال واختلاف بيانه قوله { وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا } [ النساء : 35 ] أي اختلاف بينهما .

قال الشاعر :

إلى كم نقتل العلماء قسراً *** ونفجر بالشّقاق وبالنفاق

أي بالضلال والاختلاف .

الكسائي : هي خلع الطّاعة بيانه قوله { وَمَن يُشَاقِقِ الرَّسُولَ } [ النساء : 115 ] .

الحسن : في بعاد وفراق إلى يوم القيامة . { فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ } يا محمّد يعني اليهود والنصارى . { وَهُوَ السَّمِيعُ } لأقوالهم . { الْعَلِيمُ } بأحوالهم وكفاهم الله تعالى أمرهم بالقتل والسبّي في بني قريظة والجلاء والنفي في بني النضير والجزية والذلّة في نصارى نجران .