الكشف والبيان في تفسير القرآن للثعلبي - الثعلبي  
{يَمۡحَقُ ٱللَّهُ ٱلرِّبَوٰاْ وَيُرۡبِي ٱلصَّدَقَٰتِۗ وَٱللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ} (276)

{ يَمْحَقُ اللَّهُ } أي ينقصه ويهلكه ويذهب ببركته وإن كان كثيراً كما يمحق القمر . وعن عبد الله بن مسعود رفعه إلى النبيّ صلى الله عليه وسلم قال : " إنّ الربا وإن كثر فإن عاقبته إلى قلّة " .

وروي جويبر عن الضحاك عن ابن عباس : { يَمْحَقُ اللَّهُ } يعني لا يقبل منه صدقة ولا جهاد ولا حجّاً ولا صلة . { وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ } أي يزيدها ويكثرها ويبارك فيها في الدنيا ويضاعف الأجر والثواب في العقبى وإن كانت قليلة ، قال عزّ من قائل : { فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافاً كَثِيرَةً } [ البقرة : 245 ] .

القاسم بن محمد قال : سمعت أبا هريرة يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إنّ الله عزّ وجلّ يقبل الصدقات ولا يقبل منها إلاّ الطيّب ويأخذها بيمينه ويربيها كما يربّي أحدكم مهره أو [ فصيله ] حتّى أن اللقمة لتصير مثل أحد " وتصديق ذلك في كتاب الله عزّ وجلّ : { أَلَمْ يَعْلَمُواْ أَنَّ اللَّهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَأْخُذُ الصَّدَقَاتِ } [ التوبة : 104 ] . { يَمْحَقُ اللَّهُ الْرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ } قال يحيى بن معاد : لا أعرف حبّة تزن جبال الدنيا إلاّ الحبّة من الصدقة { وَاللَّهُ لاَ يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ } بتحريم الربا مستحل له { أَثِيمٍ } [ متماد في الإثم ] .